.. في مساء «قاهري» ثقافي قديم جمعني بعدد من الزملاء الإعلاميين والمثقفين العرب على ضفاف النيل استلهمنا فيه من روح المكان شذرات شاعر النيل حافظ وروعات شوقي وحكايا قهوة ريش والفيشاوي ونجيب محفوظ...
*****
.. تحدثنا في مواضيع شتى، ولم يخف أحدهم -ويبدو أنه قارئ جيد للتاريخ السعودي- من اعجابه بالحالة الأمنية والأمان في المملكة.. وذكر استدلالاً كيف كان صاحب المتجر يرخي على واجهة متجره شراعا ثم يذهب الى الصلاة ولا يقربها أحد.. وكيف كان الرجل ينزل من سيارته إلى الدكان ويترك سيارته مفتوحة، وربما «شغالة» ولا أحد يمسها.
وتناقشنا في نماذج مشابهة...
*****
.. استحضر هذا الحديث الآن، ونحن على مشارف الحج، فأمن الحج واحد من أهم التحديات الذي تركز عليه هذه الدولة منذ عهد المؤسس -يرحمه الله-، فسلامة الحجيج من أهم أولويتنا القصوى...
*****
.. وإذا ضربنا في هذا المجال مضربًا لا يجحده إلا جاحد، فإن هذا المبلغ من الأمن يقاس بكم تحولاته في عهد الملك عبدالعزيز بما قبله.
«الذاهب للحج مفقود والعائد منه مولود».. عبارة تختصر الكثير من المنظور للحج في السابق، بما يحيط به من مخاوف ويواجهه من أخطار.
شهور يضربون أكباد الإبل في الصحارى والوهاد، وعلى كفوفهم قلوبهم من قطاع الطرق واللصوص، وعندما يرى قاطع طريق أن ريالاً واحدًا قد يكون ثمن بخس في روح حاج ندرك إلى أي مدى كانت المخاطر في الحج...؟!!
*****
.. الملك عبدالعزيز أحدث تحولاً أمنيًا أذهل العالم لا من حيث الكيف ولا من حيث الزمن، وفي هذا يقول شكيب أرسلان حين حج عام 1348هـ، ورأى هذا الإستتباب الأمني:
«لو لم يكن من مآثر الحكم السعودي سوى هذه الأمنة الشاملة الوارفة الضلال على الأرواح والأموال التي جعلت صحاري الحجاز وفيافي نجد أأمن من شوارع الحواضر الأوروبية لكان ذلك كافيًا في استجلاب القلوب، واستنطاق الألسن في الثناء عليه».
وسجل العديد من المثقفين والمؤرخين والكتاب العرب وغير العرب صورًا من مشاهد الأمن في الحج...
*****
.. وعلى مر الفترات من بعد الملك عبدالعزيز تتزايد أعداد الحجاج بشكل مذهل، ويقابلها تزايد الحشود والجهود من كل الجهات والقطاعات الأمنية والعسكرية، مع تطور كبير في الأدوات والمعدات والتجهيزات...
*****
.. اليوم يمكن أن نقول بأن هناك ذروة في جموع الحجيج، ولكنها رغم ضخامتها تنعم بالأمن والطمأنينة والسكينة، في ظلال وطن جعل خدمة ضيوف الرحمن رسالته التي يتشرف ويتسامى بها.