الثقة، تعد من أهم العناصر التي تؤخذ في الاعتبار في اختيار العاملين، وتشكيل فرق العمل، ولذلك يميل البعض إلى اختيار من يعرفونه جيداً، ويتجنبون المغامرة في اختيار أشخاص جدد، وإن تبرع أحد بترشيح شخص جديد؛ فإن أول سؤال يُطرح عليه: هل أنت واثق من هذا المرشح؟، وقد يقول: نعم على مسؤوليتي، وفي حالة الفشل يخسر المرشح ومن رشحه الثقة التي أعطيت لهما.
الثقة بالآخرين تنطلق أساساً من الثقة بالنفس، وهي حين تكون في محلها تكون حافزاً قوياً لتحقيق النجاح، وهي معيار للتكليف بالمهام وتحمل المسؤوليات، وأساس لتفويض الصلاحيات، لذلك الثقة في الإدارة ذات اتجاهين، ثقة الرئيس بالمرؤوسين، وثقة المرؤوسين بالقائد، وعادة يُعبِّر القائد عن شعوره في حالة نجاح المرؤوس بعبارة: (كانت ثقتي في محلها)، وهي عبارة تتضمن التقدير الذاتي وتقدير المرؤوس.
القائد الواثق من نفسه يستخدم (نحن) بدلاً من (أنا)، هو الذي ينسب الأفكار والمبادرات والإنجازات إلى أصحابها، وهو الذي لا يُحوِّل نفسه إلى خبر، بل تبحث الأخبار عن إنجازاته، هو الذي يهتم بحجم الإنجاز وليس حجم المكتب ونوعية الأثاث فقط.
الإدارة بالثقة، تعد من أهم العناصر التي تؤخذ في الاعتبار في اختيار العاملين وتشكيل فرق العمل، لأنها تجعل بيئة العمل بيئة جاذبة محفزة، تعزز الانتماء والولاء، والعلاقة الرسمية والإنسانية، ورغم هذه الأهمية لا يمكن أن تكون الثقة مطلقة، ولهذا السبب توجد المتابعة والرقابة والمحاسبة، ومن المحاذير في الثقة المطلقة تضخم الذات لدى الشخص الموثوق به إلى درجة قد تحرج رؤسائه، والثقة المبالغ فيها تؤدي أحياناً إلى عدم الإعداد الجيد، أو حتى تحقيق نتائج ضعيفة، وخسارة كبيرة، لذا وجب أن يكون منح الثقة ذا محدودية تصاعدية، مصاحبة لقدرة الإنجاز، ومقدار ما يحقق من نتائج نحو الأهداف الأساسية للعمل.
لماذا لا يبدأ المدير عمله مع المرؤوسين بطريقة إيجابية مشجعة، تضع الثقة قبل الشك؟.
في علم النفس، التوقعات الإيجابية لها أهميتها وقوة تأثيرها في تحقيق النجاح، بحكم كونها حافزاً معنوياً يقدم التقدير المسبق، وهو تقدير مصدره الثقة، ويهدف إلى التعزيز والتشجيع، وتحفيز الولاء، والانتماء والإخلاص، عندما يقول القائد للمرؤوس: إني أثق بك وبقدرتك على النجاح، فهذه الكلمات تمثل أولى خطوات النجاح، ويقول أحد المجربين في الإدارة: ليس هناك حافز أقوى من ذلك الحافز الذي تشعر فيه أن الآخرين يؤمنون ويثقون بك، إن الثقة بالإنسان والتوقعات الإيجابية تفتح باب الفرص، والإبداع والنجاح.
يقول أحد الخبراء: إن المديرين لا يستطيعون حفز الآخرين، وأفضل ما يستطيعون عمله هو أن يختاروا الأشخاص المناسبين للوظائف المناسبة، وأن يوفروا الجو المناسب، ويطلبوا أداءً ممتازاً، أي مساعدة الموظفين على حفز أنفسهم، لأن التحفيز الداخلي هو الأقوى والأكثر تأثيراً.
التحفيز الداخلي يصعب تحقيقه بدون توفر التوقعات الإيجابية، وبعد ذلك إذا تحقق أداء ناجح، فلابد أن يعقبه تقدير وتشجيع ومدح بناء، ويُفضَّل أن يكون علنياً. «إذا أردت أن تكافئ شخصاً ما، فاجعل ذلك مكتوباً، ومرره على المنظمة كلها، أما إذا أردت أن تُعاقبه فعاقبه على الهاتف»