المعنى هنا هو جمع قلة، والفئة المختارة هنا هي رائدات الفضاء.. السيدات اللاتي صعدن إلى ارتفاع يبلغ مئة كيلومتر أو أكثر عن سطح البحر.. والحدث المهم في هذا الشأن هو عودة رواد الفضاء الأبطال، ومنهم أول رائدة فضاء سعودية عربية «ريانة البرناوي» إلى أرض الوطن خلال هذا الأسبوع، بعد رحلتها الفضائية الناجحة بأمر الله خلال الفترة من 21 مايو إلى 29 مايو 2023.. والموضوع يستحق وقفة إعجاب، فوراءه معلومات تستحق التأمل: في منتصف الخمسينيات بدأ التسابق بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي لإرسال رحلات مأهولة إلى الفضاء الخارجي.. وتم استعجال السباق في 4 أكتوبر1957 عندما نجح الاتحاد السوفيتي في إطلاق أول قمر صناعي باسم الرفيق الصغير «سبوتنك 1» في مدار حول كوكب الأرض، وأطلقوا بعدها بأسابيع «سبوتنك 2»، ثم الكلبة «لايكا».. وكانت الولايات المتحدة تستعد بأول برنامج لإطلاق مركبات مأهولة بالبشر، فتم اختيار سبعة طيارين عسكريين من خلال برنامج تأهيل في منتهى الصعوبة.. كلهم كانوا من ذوي الخبرة على المقاتلات النفاثة، والاختبارات الجوية على الطائرات المختلفة، وهي أعلى درجات المهارة، لأنها تتطلب قدرات الطيران، والهندسة، وحسن التصرف، والشجاعة.. وأطلق على هذا البرنامج اسم «مركوري 7».. وفي الخفاء، تمت مناقشة تأهيل أول رائدة فضاء أمريكية.. وبالرغم من الاعتراضات التي وردت على برنامج تأهيل امرأة، طرحت عدة مميزات ومنها الوزن الأقل، والحجم الأصغر، والاحتياج لكميات أقل من الغذاء نسبة إلى الرجال، وتم تأسيس برنامج «مركوري 13» لاختيار 13 رائدة فضاء، ليتأهلن على نفس مستوى الرجال، وبالرغم أن البرنامج بدأ بنجاح في العديد من المحاور، فقد تم إيقافه بحجة أن النساء في تلك الأيام لم يتأهلن على قيادة المقاتلات النفاثة، فكانت صفعة قوية للسيدات في زمن فتح الحريات للسيدات في الغرب، وبالذات في الولايات المتحدة.. وتسبب هذا الإيقاف التعسفي في تأخير ريادة السيدات للفضاء لفترة أكثر من عشرين سنة، عندما انطلقت الدكتورة «سالي رايد» إلى الفضاء على متن المكوك «تشالنجر» بتاريخ 18 يونيو 1983.. والطرفة هنا أن رائدات الفضاء الأمريكيات في حقبة السبعينيات كانوا على درجة مذهلة من التأهيل.. تم إلغاء متطلب مهارات الطيران، ولكن بدلاً عن ذلك كانت مؤهلات الرائدات في مجالات العلوم، والهندسة، والتقنية.. هندسة كهربائية، وفيزياء الفلك، وكيمياء حيوية ومثيلاتها.. كانوا أعلى مستوى من الدوافير.. وبدون مبالغة كانت ولا تزال مؤهلات رائدات الفضاء متساوية، أو تفوق مؤهلات رواد الفضاء من الرجال.. جدير بالذكر أن أول رائدة فضاء كانت السوفيتية «فالنتينا تيريشكوفا» التي دارت حول الأرض 48 مرة بتاريخ 16 يونيو 1963 على متن مركبة «فستق 6».. والطرفة هنا أنها أصبحت بطلة عالمية، لدرجة أنني -كملايين البشر- كنتُ أحلم بالزواج منها أثناء رحلتها، والحمد لله أن والدتي رحمها الله أقنعتني بالعدول عن التقدم لها للعديد من الأسباب، ومن أهمها: عائق اللغة، وتباين المؤهلات، والفارق في السن، علماً بأنني كنتُ أبلغ من العمر حوالي تسع سنوات في تلك الفترة.
* أمنيـــــة:
إنجازات المملكة في رحلة رائدي الفضاء «ريانة البرناوي وعلي القرني» كثيرة جداً بتوفيق الله.. تشمل الإضافات النوعية العديدة، ومنها التجارب العلمية الطبية، والتقنية، والتعليمية، ومنها أيضاً إضافة المعرفة نحو خصخصة أنشطة استكشاف الفضاء.. وتشمل أيضاً ريادة الفضاء لأول عربية سعودية.. ولكن الإنجازات لها أيضاً بصمات عالمية، فعدد رواد الفضاء عبر التاريخ هو حوالى ستمئة شخص، منهم سبعة وسبعون من السيدات فقط.. أتمنى أن نتذكر أن إنجازات المملكة في الفضاء لا تقتصر على المكاسب الوطنية فحسب، فهنالك ما يضيف للعالم العربي، وللسيدات، والبشرية جمعاء بمشيئة الله، وهو من وراء القصد.