أهداني أخي الكريم الأستاذ الدكتور عبدالعزيز بن عبدالرحمن الثنيان؛ وكيل وزارة المعارف وعضو مجلس الشورى السابق، كتابه الممتع: «سنوات في مجلس الشورى». الكتاب من الحجم المتوسط، جميل، يستحق القراءة، ولا أكون مبالغاً لو قلت: إنه من أجمل الإصدارات التي تحكي سيرة ومسيرة مجلس الشورى السعودي.
بدأ بالحديث عن الاتصال الهاتفي الذي تلقاه وتم فيه إخباره بالثقة الملكية الكريمة باختياره عضواً في مجلس الشورى، وطلبه الاستخارة والاستشارة، ثم عرج بعد ذلك إلى الآمال المعقودة من القيادة الرشيدة والشعب السعودي النبيل على ما يُقدِّمه أعضاء المجلس من أفكار ورؤى.. وعدد الخواطر والذكريات التي عاشها، والمواقف التي كان طرفاً فيها، والتي كانت واقعاً معاشاً من خلال سنواته التي قضاها عضواً بالمجلس.
تحدث بطريقة سهلة ومشوقة عن أسلوب الجلسات والنصاب والمداخلات واللجان وتشكيلها وعملها واختيار رئاستها، وكيفية طرح المواضيع والنقاشات تحت قبة المجلس.
ذكر الكثير من المبادرات التي قدمت من بعض الأعضاء، منها على سبيل المثال، إصدار لائحة للوظائف الهندسية، ونظام الخدمة المدنية، والعديد من المقترحات التي قدمت من الأعضاء، منها ما أقر، ومنها ما عدل، ومنها ما رُفض، غير أنها تدل على أن تفاعل الأعضاء ومقترحاتهم كانت تُؤخذ في عين الاعتبار.
تحدث بكل الود والتقدير عن الرئيس والنواب الذين عاصرهم خلال سنواته في المجلس، وهم معالي الشيخ محمد بن جبير -رحمه الله-، يقول في حديثه عنه: إنه رجل ذو وقار وعلم، هدوؤه أعطى للمجلس دفعة كبيرة للأمام، ومعالي الشيخ صالح بن حميد الذي وصفه بصفاء النفس، وصدق الحديث، ووضوح الرأي.
وعن النواب الذين عاصرهم، ذكر معالي الدكتور بكري شطا، الذي وصفه بالسماحة والبشاشة، والرجل الذي حظي باحترام الجميع، ثم معالي المهندس محمود طيبة -رحمه الله-، الذي وصفه بالطيبة ونظافة اليد، وأنه الرجل الذي إذا نظرت إليه حسبت أنك تنظر إلى رجل من أهل الجنة، ومعالي الدكتور بندر حجار، ابن المدينة المنورة الخلوق، والإداري المحنك، ممن رأت الغالبية من الأعضاء -والكلام للمؤلف- جدارته بالمنصب.
تكلم عن زيارات المسؤولين وضيوف المملكة للمجلس، ذكر منهم الأمراء نايف بن عبدالعزيز وسعود الفيصل -رحمهم الله- ومن الضيوف الرئيس التركي السابق عبدالله قول، وإشادته وتقديره للمملكة كزعيمة للعالمين العربي والإسلامي.
تكلم الثنيان عن الرحلات الخارجية التي شارك فيها، لأذربيجان، وعن حبهم وتقديرهم للمملكة، وإيران والمواقف التي قابلتهم فيها، وكيف وفقهم الله في اجتيازها بنجاح. وختم ببعض المواقف الطريفة التي حدثت تحت قبة المجلس، منها الجلسة التي لم يكتمل النصاب لانعقادها وكادت ألا تنعقد، وكان رئيس المجلس في انتظار دخول عضو واحد فقط لإكمال النصاب، وإذا بالأديب حمد القاضي الذي أنقذ الموقف دون أن يدري؛ ففاجأه الأعضاء بتصفيق حار وسط ذهوله لعدم معرفته بخلفية التصفيق وأسبابه، وكان ذلك من مواقف التصفيق المرحة التي شهدها المجلس.