قبل أن تُبحِر السفينة العملاقة الشهيرة (تيتانيك) من مدينة ساوثهامبتون البريطانية؛ إلى مدينة نيويورك الأمريكية في عام ١٩١٢م، تبجّح صانعوها، إذ كانت دُرّة صناعات السفن العالمية، وأفضلها تقنية، وأضخمها حجماً، وأجملها شكلاً، وأكثرها استيعاباً، وقالوا: (حتّى الله لا يستطيع إغراقها في المُحيط الأطلسي العميق)!.
وكانت العاقبة هي بكلّ بساطة أن أغرقها الله بضربة حجر، بعد أن اصطدمت بجبل جليدي صغير، هو جندي من جنود الله الذين لا يعلمهم إلّا هو، تعالى بعظمته فوق عرشه المجيد عُلوّاً كبيراً.
ويبدو أنّ النكبة ـ أو اللعنة إن جاز لي قول ذلك ـ التي أُحيطت بتيتانيك ما زالت مُستمرّة، إذ انفجرت الغوّاصة السياحية والاستكشافية تيتان وهي تبحث عن حُطام تيتانيك، بمن فيها من بعض المليارديرات الذين سخّروا أموالهم الكثيرة لصناعة وتشغيل الغوّاصة؛ لقضاء أوقات مُمتعة ومُثيرة في أعماق المُحيط؛ بحثاً عن حُطام السفينة الغارقة منذ أمدٍ بعيد، وتركوا فقراء الأرض الجِياع؛ والباحثين عن لُقمة طعام يُوقِفُون بها غُول جُوعهم وشبح مرضهم، واللهم لا شماتة، ولكنّها عظة لمن يتّعظ، وعبرة لمن يعتبر.
والجندي الصغير هذه المرّة الذي فجّر الغوّاصة؛ لم يكن الجبل الجليدي كما تُشير التحقيقات الدولية، بل هو ضغط المياه الذي يرتفع كلّما غاص الإنسان بمعدّاته التي صنعها ويفتخر بها، فتفجّر حديد الغوّاصة؛ كما تتفجّر حبوب الذرة الهشّة عند قليها بقليل من الزيت الساخن، وتُصبح فشاراً يأكله الكبار والصغار في أوقات تساليهم، وتحوّلت الغوّاصة إلى ما يُشبه خبز ساندويش التاكو المكسيكي قبل تفتّته بسبب التهامه ومضغه، ومات كلّ من في الغوّاصة مع أحلامهم وملاهيهم ومُتعاتهم!.
وما زال الله - جل في علاه- يُرسِل الرسائل الدالّة على ألوهيّته وقوّته إلى البشر، أنّهم لم ولا ولن يُحيطوا بشيء من علمه الكوني إلّا بما شاء، فما بالهم بقدرته الخارقة؟! فيفهم بعضُنا الرسائل، ويفعل عكسَ ذلك بعضُنا الآخر، ويا أمان العباد المؤمنين.