سلكْتُ مع أهلي طريق غير المسلمين المعروف باسم (طريق الخواجات)؛ عند نزولنا بالسيّارة من الطائف إلى جدّة ليلة يوم عرفة، بسبب الخُطّة المرورية الناجحة التي تمنع سلوك سيّارات غير الحُجّاج للطرق الدائرية داخل مكّة المكرّمة، وهي خطّة ضرورية أُشِيدُ بها لنجاحها في تفادي الازدحام، واختلاط الحابل الحاجّ بالنابل غير الحاجّ.
وطريق الخواجات مفيد في مثل هذه المناسبات، وهو يتّخذ شكل القوس خارج حدّ الحرم من جنوب مكّة المكرّمة، ويمتدّ لعشرات الكيلومترات، لكنّه أحوج ما يكون لتطوير شامل لكامل أجزائه، طالما هو بهذه الفائدة، وقد استمرّ لعقود دون أن تتولّاه وزارة النقل وأمانة مكّة المكرّمة بالتي هي أحسن، فأصبح خطيراً في الأوقات العادية، وتشتدّ خطورته خلال المواسم التي يزدحم فيها، لا سيّما في الليل، بسبب ضيقه، ومساره الواحد اليتيم، وعيوب الأسفلت الكثيرة، وخلوّه تقريباً من الخدمات السياحية، والإنارة، فضلاً عن سلوك السائقين غير الحضاري.
ويشهد الله أنّني تندّمْتُ على سلوكه، إذ كِدْتُ أتعرّض فيه للحوادث الخطيرة عدّة مرّات في ليلة واحدة، ومعي نساء وأطفال، وكُتِبَ لنا عُمْرٌ جديد، وحَمِدْتُ الله كثيراً عندما وصلْتُ لمنطقة الشميسي، التي ينتهي فيها الطريق ويتقاطع مع خطّ مكّة - جدّة السريع: المُزدوج بمساراته العديدة، وأسفلته النموذجي، وخدماته السياحية، وإنارته الكافية، وكاميرا ساهر - أطال الله في عمرها - إذ تضبط سلوك السائقين غير المُبالِين، وتمنع تهوّرهم، بسبب غرامات المخالفات المرورية المفروضة.
ولأنّ تطوير هذا الطريق هو من المشروعات العاجلة والهامّة في منطقة مكّة المكرّمة، فأقترح أولاً إعادة تسميته بطريق (القوس)، بدلاً من طريق غير المسلمين أو طريق الخواجات، لأنّ المسلمين يستخدمونه أكثر من غيرهم، وجَعْلِه مزدوجاً - لا سيّما وأنّ هناك الكثير من الأرض العامّة الفضاء التي تُحيط به من جانبيه - فلا يكلف الدولة قيمة نزع الملكيات الخاصة، وتزويده بالخدمات السياحية النموذجية، ليخدم السياحة وقطاع النقل بصفة عامّة، وتُنزع منه صفة الخطورة والوحْشة، ويكتسب صفة الراحة والجمال والسلامة، هل هذا صعب؟، كلّا، بل ضروري وسهل.