يشارك ضيوف الرحمن الذين حلوا رحالهم في المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة في فعاليات أكبر معرض اسلامي عالمي جرياً على مفهوم التوجيه القرآني الكريم في قوله تعالى (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ).
تراهم وهم في الرحاب المقدسة يتعرفون على إخوة لهم في العقيدة من كافة بلدان العالم، وقد بلغ عددهم المليوني حاج مع مجموعة كبيرة من العاملين في خدمة الحجاج لتأمين سلامتهم وصحتهم وأمنهم وأمانهم وكافة متطلبات تجمع بشري من قوميات متعددة، وفر لهم ولاة الأمر في بلد الحرمين الشريفين كل المتطلبات من إعاشة وأمن وسلامة ومواصلات واتصالات إلى جانب الرعاية الصحية بما فيها إقامة مستشفيات متنقلة متكاملة أطقمها لتجري العمليات الجراحية في الحال عند اللزوم وتقدم العلاج والدواء بالمجان.
ومع تجمع هذه الاعداد المليونية تقوم فيما بينهم فرص التعارف وتبادل الاحاديث، ويتدارسون معاً سبل التعاون في كافة المجالات الحياتية، ومن بين الحجاج من يقوم بعرض عينات من منتجات بلدانهم لعقد صفقات التسويق تنشيطاً للتبادل التجاري، ويتابع الحجاج هذه العروض فيتعرفوا على كل جديد في عالم الإنتاج الصناعي والتقني يفيدهم في تطوير منتجاتهمً وفتح المزيد من الأسواق لها في بلدان العالم.
يتنقل هذا المعرض مع تنقل ضيوف الرحمن من صعيد عرفات إلى استراحة مزدلفة فمنها الى صعيد منى ليقضون فيها أيام عيد الاضحى المبارك بعد تحللهم من ملابس الإحرام واداء طواف الإفاضة في بيت الله الحرام بمكة المكرمة والسعي بين الصفا والمروة وهما هضبتان بجوار البيت العتيق في وادي غير ذي زرع سعت بينهما السيدة هاجر زوج نبي الله إبراهيم ووالدة نبي الله إسماعيل عليهم السلام سبعة أشواط لتروي عطش رضيعها إسماعيل، وفي سعيها بين عصبتي الصفا والمروةً خرج الماء من بين قدميها فحوت منبعه بكفيها مرددة كلمة «زمي زمي» فسمي النبع بزمزم، ولا يزال ماء زمزم يروي عطش شاربيه وفيه شفاء للناس بإذن الله، ولا تزال أعداد شاربي ماء زمزم بازدياد مع ازدياد عدد الحجاج كل موسم والمعتمرين على مدار السنة، ولا يزال ولاة الأمر في بلد الحرمين الشريفين يجتهدون في تقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن من لحظة دخولهم المملكة العربية السعودية عبر منافذها البرية والبحرية والجوية وتنقلاً عبر شبكات طرق حديثة من مركبات جوية وبرية وحديدية وخدمات ميسرة وفنية تتوفر فيها كل متطلبات السلامة والراحة يقدرها كل من تجول في أرجاء المملكة في عقود سابقة وتنقل بين اطرافها على طرق غير معبدة وأكثرها وعورة تلك المسارات عبر مجاري السيول وكذلك الممرات الصحراوية التي تتعرض لتحرك الرمال مبدلة معالم الطريق ومعرضة من يعبرها للضياع وفي حالات كثيرة للموت عطشاً.. في تلك الأيام كان المسافر يقطع الطريق بين المدينتين المقدستين في عشرة أيام واليوم في أربع ساعات بالحافلات والسيارات وبأقل من ساعتين بالقطار وبأقل من ساعة في الطائرة.. اللهم قدرنا على شكر نعمك ووفق ولاة أمورنا لما فيه خير البلاد والعباد.