عنوان المقال يرمز إلى إحدى أخطر الكلمات، لأنها تمثل الضبابية، وتمهد لسوء الفهم.. وقد تحدثت عنها مسبقاً في سياقات مختلفة، وفي هذا المقال سيكون حديثنا عن موقعها في عالم استكشاف الفضاء.
خلال الأسبوع الماضي شهد العالم رحلة فضائية مميزة أطلق عليها اسم «فرتوتيه 1»، و الكلمة الإيطالية الطريفة؛ مشتقة من كلمة الفضيلة، وتعكس شعار القوات الجوية الإيطالية في أنشطتها الفضائية بما معناه «نحو النجوم بالفضيلة».. وتحتفل تلك القوات بذكرى مائة سنة على تأسيسها، وضمن الاحتفال، صعد ثلاثة من ضباط القوات الجوية الإيطالية إلى الفضاء في تاريخ 29 يونيو 2023 على متن الطائرة الفضائية المكوكية «يونيتي» في رحلة «دون مدارية» مدتها حوالى 15 دقيقة، إلى ارتفاع خمسة وثمانين كيلومترا فوق سطح البحر، وبسرعة وصلت إلى 3556 كلم في الساعة.. وأجروا خلال تلك الرحلة القصيرة مجموعة تجارب علمية.. وبالرغم من مدتها القصيرة وسرعتها البطيئة نسبياً، إلا أنها تمثل نقطة تحول تاريخية، فهي بداية الرحلات التجارية لشركة «فيرجن جالاكتك»، وهي الأقل تكلفة في عالم استكشاف الفضاء اليوم. ولا تحتاج تلك الرحلات لتدريبات خاصة للسفر على متن الطائرة الفضائية التي تصعد إلى الفضاء الخارجي، ولكنها لا تدخل في مسارات مدارية حول الأرض.. يعني طلوع ونزول سريع.. ومنظومة عملها تحتاج إلى وقفة تأمُّل.
المركبة «يونيتي» تصعد إلى الفضاء الخارجي محمولة على متن أكبر طائرة في العالم، واسمها «إيف»، أي حواء، تقلع «رصة» الطائرتين من القاعدة الفضائية الخاصة في ولاية «نيو مكسيكو» بالولايات المتحدة، وتصعد إلى ارتفاع خمسة وأربعين ألف قدم، ثم تنفصل الطائرة الفضائية من «أمها حواء»، لتصعد بإرادة الله بمحركها الصاروخي إلى «الفضاء الخارجي» على ارتفاع 280 ألف قدم.. وقد نجحت الرحلة التجارية الأولى بمشيئة الله في صعودها، وطيرانها، ثم هبوطها.. قارنها برحلة الرائدين السعوديين علي القرني وريانة البرناوي اللذين صعدا إلى ارتفاع مليون وأربعمائة ألف قدم، وبسرعة وصلت إلى حوالى ثمانية وعشرين ألف كيلومتر في الساعة في رحلتهم المدارية، التي دارا خلالها حول الأرض 126 مرة خلال فترة ثمانية أيام.
جدير بالذكر أن خصخصة رحلات الفضاء جارية على قدم وساق من شركات مختلفة، وتتميز شركة «فيرجن جالكتك» بتركيزها على رحلات قصيرة لحمل البشر بتكاليف منخفضة نسبياً، والتي تبلغ حالياً أربعمائة وخمسين ألف دولار للشخص؛ لرحلة واحدة للفضاء الخارجي مدتها حوالى ربع ساعة.. والرحلة هي الأقل سعراً، والأقل في التأهيل للرواد، وبالتالي هي مصممة لفتح باب ريادة الفضاء.. وتحديداً، فعدد رواد الفضاء في العالم منذ بداية الرحلات الفضائية عام 1961 يبلغ حوالى ستمائة، وعدد المسجلين للصعود إلى الفضاء على رحلات شركة «فيرجن جالاكتك» هو أكثر من ثمانمائة إنسان من حول العالم في السنوات القادمة.. طيب، وما علاقة كل هذا بعنوان المقال؟، لو تأملت في التفاصيل ستجد أن تعريف حد الفضاء الدولي هو مائة كيلومتر عن سطح البحر، ولكن التعريف في الولايات المتحدة الأمريكية يبدأ من عتبة الثمانين كيلومترا فقط.. الفارق بينهما هو حوالى 66 ألف قدم.
* أمنيـــــــة:
تغيَّر عالم الفضاء تغيُّرات جذرية خلال السنوات القليلة الماضية، ولكن حوكمة الفضاء لا تزال في مرحلة بدائية، وأرضيتها القانونية قديمة وهشة.. أتمنى أن يتم تحديث الإطار القانوني لأنشطة الفضاء، والتعريفات الضرورية المصاحبة، بدءاً من الأساسيات وأهمها تعريف «عتبة» حد الفضاء.. والله يقينا مخاطر «الإيشسمو»، وهو من وراء القصد.