يدور الحديث حالياً في الإعلام العالمي؛ عن تحقيق صندوق الاستثمارات لخسائر دفترية، نتيجة لتراجع قيمة أسهم المحفظة الخاصة به.. وعادةً يجب التمييز بين الخسائر الفعلية والخسائر الدفترية، حيث تعتبر الخسائر الدفترية غير فعلية وغير متحققة، ولا تتحقق الخسائر إلا إذا قامت الجهة ببيع محتويات المحفظة في السوق.. وبالتالي لا يحقق الصندوق الخسائر إلا إذا تم البيع، وعادةً ما تتذبذب قيم الأسهم في السوق، وبالتالي عند الارتفاع تُحقِّق ربحية، وعند هبوط السعر تُحقِّق خسائر.. لذلك لن نحكم على الصندوق وإستراتيجيته لمجرد النظر لنقطة واحدة من الزمن.. ولكن من المهم عند تقييم الصندوق النظر إلى إستراتيجيته على المدى الطويل.. فالإستراتيجية تُوضِّح سياسة الصندوق الاستثمارية واتجاهاتها، ونوعية الأصول، وأسس الاستحواذ والبيع مستقبلاً..
ويجب أن لا ننسى أن إستراتيجية الصندوق «طويلة الأجل، وليست قصيرة الأجل»، لذلك لا نهتم بالتذبذبات على المدى القصير والمتوسط.. كما أن الصندوق يأخذ في الاعتبار أهدافاً مهمة على مستوى السعودية، وخاصة رؤية ٢٠٣٠، لذلك تتم استثماراته لتحقيق الرؤية على مستوى المملكة، وليس على مستوى الصندوق.
كما أن ذراع السعودية الاستثماري جزء كبير من استثماراته داخلية، لأنه مسؤول عن تطوير جوانب كثيرة داخل المملكة، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية.. لذلك وعند رؤيتنا لعناوين الإعلام علينا أن ندرك أن لنا إستراتيجيات وأهدافاً ربما لا تتوازن مع عملية التقييم وتحديد الخسائر الدفترية.
وما يهمنا دوماً هو الإستراتيجية ومدى نجاحنا في تطبيقها، وكذلك الخسائر الحقيقية، ويجب أن ننظر حتى في الصناديق الأخرى الاستثمارية على المستوى الشخصي إلى أهدافنا كأفراد، هل هي طويلة أم قصيرة، ومواءمتها مع أهداف الصناديق المراد الاستثمار فيها.. ويجب أن لا نعطي موضوع الخسائر أهمية كبرى إلا إذا كان هناك انجرافات في الإستراتيجيات والأداء.. فمن المعروف أن التغيرات في أسعار الأسهم -هبوطاً وصعوداً- راجع إلى عوامل اقتصادية محلية وعالمية، وضغوط سوقية مبنية على التوقعات التي قد لا تكون صحيحة.. فالإستراتيجية التي يبنيها الشخص عادة نابعة من توجهاته الإنفاقية والادخارية، وفترة رغبته في الاستثمار، وحجم المخاطر التي يرغب في التعرض لها، وبناء عليها يختار من الطيف الاستثماري المتوفر له في السوق، أو يُصمِّم صندوقه بنفسه إن لم تتوفر احتياجاته، وهذا ما يتم عادةً من قِبَل الصناديق السيادية.