ارتفع عدد المركبات في المملكة ارتفاعاً غير مألوف، كان من نتيجته ازدحام الطرق، وارتفاع عدد الحوادث المرورية.
وتعتبر حوادث المرور من المشاكل المستعصية في العالم لما تُسببه من خسائر مادية وبشرية كبيرة، فقد وجد أن أكثر من اثنين مليون شخص يموتون سنوياً في العالم بسبب حوادث الطرق، ويُصاب بسببها أكثر من 50 مليون. وفي تقرير حديث لمنظمة الصحة العالمية بيَّن أنه إذا استمرت الزيادة في الوفيات بسبب الحوادث المرورية بهذا المعدل، فإنها قد تتفوق على وفيات مرض القلب والإيدز في العالم.
هنا في المملكة، الحوادث المرورية تُشكِّل سبباً رئيسياً للخسائر البشرية والمادية، ولم يظهر مع الوقت أي انخفاض في عدد الحوادث، ويظل معدلها فوق الحدود الطبيعية، خصوصاً عند مقارنته بالمعدلات العالمية، فالسرعة تُمثِّل العامل الرئيس في وقوع الحوادث، إذ يعزى إليها أكثر من ثلث الحوادث، يليها قطع الإشارات، والتجاوز، والدوران الخاطئ.
وعلى الرغم من كثرة الدراسات التي تمت، لم يظهر إلى الآن حل جذري لهذه المشكلة، بمعنى ليس هناك من يدّعي القدرة على جعل عدد الحوادث المرورية على الطرقات يساوي صفر حادثة، إلا إذا تم منع المركبات من السير على الطرقات، ولنا أن نتخيَّل النتائج من هكذا حل، لذلك فغاية ما يتمناه أي مسؤول هو أن يكون العدد أقل ما يمكن.
وقوع الحادثة عادةً مردّه لثلاثة أسباب؛ قائد المركبة، والمركبة، والبيئة المحيطة، فيجب الاهتمام بهذه الثلاثة؛ قائد المركبة يجب أن يكون مؤهلاً تأهيلاً تاماً من جهة السن القانوني لرخصة القيادة، والمعرفة التامة بقانون السير، والإشارات المرورية، وقانون المشاة.
السبب الثاني في وقوع الحوادث المركبة، فيجب الاعتناء بالشكل الخارجي لها مع فحص الكوابح والإطارات، والإضاءة الأمامية والخلفية، وعدم السماح للمركبة بالسير على الطرقات إلا إذا استوفت هذه الأشياء.
والعجيب أنه قبل ما يقرب من 50 عاماً، كنت طفلاً بجانب الوالد -رحمه الله- وهو يقود مركبته (الونيت أبوغمارتين) من جدة، قاصدين مدينة مكة، وكان الوقت -آنذاك- عند الغروب، وعند اقترابنا من نقطة مرور (الشميسي القديم) لم يسمح لنا جندي المرور بمواصلة السير، بسبب أن إحدى الإضاءات الخلفية لا تعمل، وقد شرح ذلك الجندي (المخلص) السبب قائلاً: «إن سائق المركبة خلفنا قد يتعامل معنا كما لو كان الذي أمامه دراجة نارية»، حالياً يمكن أن نشاهد بعض المركبات تجوب الطرقات بدون أي إضاءات لا أمامية ولا خلفية.
وأخيراً، الاعتناء بالبيئة المحيطة بالمركبة، والقصد هنا، الطرقات وتخطيطها حسب المواصفات العالمية، وحالة الإشارات المرورية.
والأهم من ذلك هو التطبيق الصارم لأنظمة الجزاءات المرورية، لأن الكثير من قائدي المركبات نراهم في الخارج يلتزمون بالأنظمة في البلدان التي يزورونها خوفا من العقوبات.. أسأل الله السلامة للجميع.