- في كتابه الشيّق «الغباء البشري»، لاحظ (كارلو شيبولا) أنّ نسبةً جيّدة وثابتة من الأغبياء، ينجحون في الاستحواذِ على مناصب إداريةٍ قيادية، وبهذا يكون ضررُهم أشدّ، وقدرتهم على إلحاق الأذى العريض، مُفزِعة، كما يؤكّد أنّ هناك بشراً يولدون أغبياءً قضاءً وقدراً! بفعل السِّمات الوراثية، وهي ميزة تتوزّع وفق نسب ثابتةٍ في كلّ المُجتمعات والفئاتِ الاجتماعية.
- الإنسانُ الغبي، يفتقرُ إلى اللباقة والمنطقِ السليم في التعامل مع المواقف الـمُتنوعة، ومع غيره من الأشخاص بمرجعياتهم وفئاتهم المُختلفة، وهو مُصابٌ بخللٍ في ردود الأفعال المقبولةِ منطقياً، كما يبدو فعلاً أنّ الغباءَ ينتقلُ بالعدوى، وأنّ مُخالطةَ أحدهم للناسِ الأغبياء، ترتبط بتدهورِ قدراته الذِّهنية.
- يكمُن الضّرر الكبير للغباء، في كونه سلوكاً غير منطقي، وليس قابلاً للتنبؤ، وبالتالي قد يخدعُ حتى الأذكياء، فالغباءُ يضرب بغيرِ هُدى، وبأنماط عشوائية، ومن خلال أشخاص يظهرون دون توقّع. ولو كان الجاهلُ عدوّ نفسه، فالغبيُّ عدوّ نفسه وغيره والناسِ أجمعين!.
- إنّ الغبيّ المُنفرد قد لا يشكّل خطراً مؤثراً، لكن الأغبياءَ في مجموعاتٍ هم خطرٌ حقيقيٌّ وداهم، والغباءُ أسوأُ من الشر، فالشرّير قد يتوب، لكن الغبيّ يظلُّ غبياً للأبد، يقول (شيبولا): «الشخصُ الغبيّ هو شخصٌ يُكبّد شخصاً آخر أو مجموعةً من الأشخاصِ خسائر، وفي الوقت عينِه لا يحقّق لنفسه أيّ مكسب، بل لعلّه يتكبّد خسائرَ أيضا!».
- ويستدعي الغباءُ قدرةً كبيرةً على الّلامُبالاة البلهاء، وتجاهل الإشاراتِ الواضحة والمنطق السليم، ويبدو حقّا أنّ الأغبياءَ يبذلون جهداً كبيراً من أجل أن يكونوا كذلك!. لكن، وللإنصاف، يُقرّر (أرسطو) أنّ هناك دائمًا «ركنٌ غبيّ» في عقلِ أكثر الناس حكمةً وذكاءً!، كما أنّ لعنةَ الغباء يُمكن أن تصيبَ عدداً مُعتبراً من أصحاب الشّهادات التعليميةِ والدرجاتِ الأكاديميةِ المُتقدِّمة!.
- تكمن المشكلةٌ في انتشارِ وباءِ الغباءِ العاطفي والاجتماعي، بحيث تصبح الفطنةُ والذوقُ السليم والتفكيرُ المنطقي، أموراً شاذّة تلفت الانتباه وتُثير التعجّب، وينقلبُ بسببها الشخصُ الذكيّ وسط الجماهيرِ الغبية، إلى غريبٍ يُشار إليه ببنانِ الاستهجان.
- عُموما، مدَحَت بعضُ الأدبيّاتِ الغباء، فمثلاً، يقول الطبيبُ الشاعر (أوليفر وندل هولمز): «كثيراً ما يحمي الغباءُ صاحبه مِن أن يُجَن»، كما يقول (دوستويفسكي): «إني أحسدُ ذلك الإنسان البسيط، لستُ أُنكر أنّه غبي، ولكن ما أدراكم؟ لعلّ الإنسانَ السويّ يجب أن يكونَ غبياً؟!».