أود ان أؤكد في البداية أنه من الثابت علميًا وبيولوجيًا أن أهم سبب لسرطان الرئة هو ما يدخل الرئة من دخان عبر السيجارة أو الشيشة، وهذا ما يجعلني أنصح بنات وطني وسيدات المجتمع من ضرورة التوعية بذلك لأنني أشهد تفشيًا غير طبيعي لانتشار التدخين والشيشة بينهن هذه الأيام، مما قد يكون سببًا في ارتفاع النسبة لحدوث سرطان الرئة عند النساء مستقبلاً أكثر من الرجال لوجود عوامل أخرى تتضافر مع التدخين لحدوث السرطان عندهن ألا وهي: قدرة المدخنات على إصلاح الحمض النووي التالف الناجم عن التدخين أقل مقارنة بالمدخنين الذكور، كذلك وجود علاقة بين مستويات هرمون الاستروجين والاصابة بسرطان الرئة حيث إن هذا الهرمون يعضد نمو الخلايا السرطانية.
السرطان أعاذنا الله جميعًا منه يعد لغزًا وآية من آيات الله في الحياة، ومهما ذكر من أسباب الإصابة به فإنه لا يزال يتسم بالغموض، وقد أفردت له أبوابًا في كتبي العلمية وندرّسه بناء على ما توصلت إليه الأبحاث الحديثة من معرفة فهو أنواع عديدة جدًا وأنماطًا وأشكال مختلفة، منها ماهو وراثي محض ومنها ما هو بيئي ويتبع مسببات خارجية تحدثه، وكما ذكرنا أن أحد أكبر المسببات الرئيسية لسرطان الرئة هو التدخين سيجارة وشيشة، وقد ثبت أن التدخين السلبي يؤدي وظيفة التدخين الشخصي والمقصود بالتدخين السلبي مجالسة المدخنين والمشيشين والقرب منهم أثناء التدخين واستخدام الشيشة.. يبقى أن نذكر أن ليس كل أنواع سرطانات الرئة سببها التدخين إنما هناك أنواع تكون بسبب الطفرات الجينية والنواحي الوراثية.
ولقد وقفت على حالات ممن أصيبوا بسرطان الرئة بعيدين كل البعد عن التدخين والدخان وبعضهم ذكور وبعضهم إناث بل إن بعضهم في الأربعين من عمره، وهذا يشير إلى الأنواع الأخرى من سرطانات الرئة مثل سرطان الورم الغدي الموضعي الذي كان يطلق عليه سابقًا سرطان القصبات الهوائية وهو شكل نادر من سرطان الرئة.
إن الأخذ بأسباب الوقاية مطلوب لذلك ارجو ألا يتهاون أحد في الجلوس مع الاصدقاء باستمرار في جلسات التدخين والشيشة وأنا هنا لست واعظًا ولا معلمًا ولكني ناصحًا بيولوجيًا وعلميًا فقط، وقد زرت يومًا زميلًا لي لديه مجموعة من الاصدقاء وإذا بأطفاله وصغاره يحضرون فسألته: ايتكرر جلوسهم هنا، قال نعم، قلت له: اتق الله في صحة أطفالك، وذهبت يوما إلى مكان مشهور في جدة يقع على البحر ومع أن المحل مكتوب عليه: (لا تقدم الشيشة إلا لمن هم فوق ١٨ عامًا) واذا بعائلة كلها نساء وبنات صغار في السن والكل يشيش ومعهم بنت في عمر خمسة سنوات، عايشة في جو الدخان السلبي الذي تنفثه مباسم المدخنات والمشيشات حولها.
وبهذا الخصوص أشكر وزارة الصحة على تنظيمها الجديد بمنع التدخين في كثير من نواحي الحياة والأماكن الإدارية والعامة حفاظًا على صحة المواطنين والمواطنات لكن يبقى تطبيق غرامات وعقوبات على من يتجاوز ذلك التنظيم مطلوب وأن تكون هناك وسائل مراقبة لتطبيق تلك العقوبات والغرامات مما يكون له الأثر الإيجابي على المجتمع ويكون سببًا في تخفيض نسبة سرطان الرئة مستقبلاً باذن الله.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
