يُقعّدُ المواطنون عن وظائفهم حال بلوغهم ٦٠ عاماً بتاريخ ١ رجب من كلّ عام، وبالطبع، فإنّ هذا السنّ محلّ نقاش، لا سيّما مع التطوّر الطبّي الذي تشهده المملكة، وتوفّر الخدمات الطبية، وتمتّع السواد الأعظم من المتقاعدين بالصحة الكافية للاستمرار في وظائفهم سنوات إضافية، وهذا ما تفعله الدول الأوروبية التي رفعت سنّ التقاعد إلى ٦٣، و٦٥، بل وإلى ٦٧ وأكثر!.
وعندما يتقاعد أيّ مواطن، يكون قد مرّت عليه عقود وهو في بنكٍ واحد، وحُوِّل راتبه وكلُّ دخله لبنكه، والمستفيد الأكبر من فترة العيش والملح الطويلة هو البنك أمّا المواطن فهو المستفيد الأصغر، ومع ذلك فلا يُقدّم له البنك ما يكافئ فائدته التي استفادها منه، ومن ذلك قرض التورّق المُجاز شرعاً والذي قد يرغب به ويحتاجه المتقاعد، فأصبحت بعض البنوك تفرض قوانين تحول دون إقراضه، والحجّة الجاهزة هي عمر المتقاعد حتّى لو تجاوز الستّين عاماً بيومٍ واحدٍ فقط!.
ويشكو لي بعض المتقاعدين أنّ بنوكهم ترفض إقراضهم هللة واحدة ما لم يعبّئوا استبياناً طبياً شاملاً، ثمّ لا تصدّقهم بل تُحوّلهم إلى مستشفيات متعاقدة معها لفحصهم ضدّ أمراض الدنيا، وفي الغالب ترفض طلبات القرض حال معرفة وجود أيّة أمراض لدى المتقاعدين، سواءً كانت أمراض الكهولة الشائعة بين السعوديين مثل الضغط والسكّر حتّى لو كانت منضبطة بجهود ذاتية من المتقاعدين ولا خطر منها على الحياة، وتُساويها مع أخطر الأمراض مثل السرطان والتهاب الكبد ونقص المناعة وغيرها من سيء الأسقام، وهذا يُشبه جزاء سنمّار، إذ استحوذت البنوك على مدّخرات المتقاعدين لسنوات طويلة وتستثمر منها ما تشاء دون حصولهم على أيّ فوائد وعمولات منها، وعند حاجة المتقاعدين تنكّرت لهم وتعذّرت بصحّتهم، في الوقت الذي تهرع كلّ الجهات الأخرى الحكومية والأهلية لتقديم تسهيلات تُجوِّدُ الحياة للمتقاعدين!.
والجهات المعنية بالتقاعد والبنك المركزي مدعوّة لإلزام البنوك بتسهيلات إقراضية فيها تسديد ومقاربة وليس تعسّف، على الأقلّ من باب ردّ الجميل للمتقاعدين الذين وثقوا بالبنوك، وهم أحد أسباب تربّحها بالمليارات طيلة عقود.