من سوانح الذكريات في عالم الرياضة؛ التي لا أنساها أبداً، أنني فشلت في أن أكون لاعب كرة قدم، لأن ما بُني على باطل فهو باطل، فقد سجّلت في الأهلي كحارس مرمى، لأخون هذا النادي العريق أمام الاتحاد الحبيب، لذلك كان الجزاء من جنس العمل.
بعد الفشل في الميدان الكروي، انتقلت إلى سباق الدراجات، وقلت: لعل فخذي المربرب - الذي يُشبه سيخ الشاورما بعد المغرب - ينفعني في دفع العجلة، لأكون أول الفائزين!.
كان ذلك في عام 1403هـ، وكنت أسكن حينها في مدينة الرس، ومن حسن الحظ أن الأستاذ محمد العوض مدرس النحو، كان المدير الإداري في نادي الحزم، فسهّل الأمر عليَّ، وسجّلني في كشوفات النادي، لذلك أنا الآن رسمياً مازلتُ ملكاً لنادي الحزم، وإذا كان الاتحاد يريدني، فعليه مفاوضة نادي الحزم، بدلاً من الطرق الملتوية لخطفي، كما حدث مع لاعب آخر أقل شهرة مني بقليل.. ما علينا!.
سجّلت في كشوفات نادي الحزم، واختاروني لسباق الدراجات، فبدأت أراهن أصدقائي وأخواتي على أنني سأحل في المركز الأول في السباقات، وكان زميلي أبوسليمان ينافسني على هذا المركز.
بدأنا التمارين، وأخذنا نذرع شوارع الرس بكرةً وعشيَّا بدراجاتنا، حتى نرفع مستوى لياقتنا، ثم جاء اليوم الموعود، وحُشر الناس ضحى، ثم انطلق السباق، ومن شدة الحماس، كلّفتُ نفسي أكثر من طاقتها، فبعد ثلاث دقائق من السباق؛ لم أدرِ ما حصل لي، ولم أستيقظ إلا عصراً وأنا فوق السرير في المستشفى، وكان تقرير الطبيب يقول: إنها حالة إغماء أصابت المتسابق، من جرّاء الجهد الزائد والوزن الزائد.
كان مجتمع محافظة الرس حينذاك مجتمعاً متواصلاً ومتقارباً، والأخبار فيه تنتشر كما ينتشر الأذان، ليصل إلى كل الآذان، فأخذ القوم يتداولون القصة، وأصابني شيء من الإحباط، وانتكس مني النشاط، وبدأت أفكِّر في الانسحاب، ومع الأسف أن من تشمَّتوا على حالتي، لم يُقدِّروا تلك التضحيات الجسيمة التي بذلتُها لتمثيلهم خير تمثيل، وتشريفهم أفضل تشريف!.
فمثلاً لم أنم ليلة السباق، بسبب القلق المُصاحب للتوقعات، كما أنني لم أتناول وجبتي العشاء ولا الفطور، حتى أُصبح برشاقة الغزال، وركض الكلب، ومرونة الثعلب، كل هذه التضحيات لم تشفع لي، بل كانت وبالاً عليَّ، حيث قال الطبيب: "كل المشكلة أنك لم تتناول الفطور جيداً، فأصبت بهبوط في الضغط"، ولذلك سقطتَ من الدرّاجة، وتحولتَ إلى كتلة لحمية تدوسها الدراجات الأخرى.
حسناً، ماذا بقي؟!
بقي القول: بعد هذه الحادثة، أصدرت مرسوماً عرفجياً يقضي بهجر أي رياضة بدنية، والفضل في ذلك - بعد الله - لأستاذي محمد العوض الذي قال لي:
يا أحمد أنت طالب كثير القراءة، ومجتهد في الدراسة، وجيد في التعبير، فمن الأفضل أن نُحوِّلك إلى بطولة المسابقات الثقافية في النادي، وذلك ما كان، وهو ما سأتناوله في حلقةٍ قادمة، لأستعرض شيئاً من مسيرتي الرياضية في المسابقات الثقافية.