رحم الله الأمير ماجد رحمة الأبرار، فقد كان سريع البديهة، حاضر النكتة، لطيفاً في تعليقاته.. وأذكر منها تعليقه على ظاهرة السهر في بلادنا وفي بعض البلدان العربية. يقول: لا يوجد شعب آخر غير الشعب العربي لديه القدرة على إضاعة الوقت والصحة العامة على المتع التافهة، والممارسات التي تلاحَظ على ربات البيوت، حيث يسهر بعضهن حتى قرب الفجر، والبعض يتجاوز وقت الفجر إلى قرب الظهيرة. ويتساءل: أليس هذا هدراً للمال والوقت والإنتاج المثمر؟.
كان مجلسه لا يخلو من الأطباء، ومهن أخرى، فيعلق أحدهم قائلاً: إن البعض منا يستيقظ بمزاج تعيس، ويُحرَم من نور الصباح والهواء النقي، وإن هناك أمراضاً تلازم هؤلاء، منها آلام الأمعاء المليئة بالغازات المتخمرة من وجبة العشاء المتأخرة، ودهون على الكبد، والبعض يعاني من فقر الدم رغم السمنة، فضلاً عن هشاشة العظام ونقص الفيتامينات، وما سيترتب على ذلك من أمراض كالسكري، وارتفاع ضغط الدم وغيره.
ويُعلِّق أحد أساتذة الجامعة مشيراً إلى تفشي هذا الداء؛ حتى بين طلاب وطالبات المدارس والجامعات، وهو أمر يصيب التعليم في مقتل.
ويُعلِّق أحد الحضور -ربما ينتمي إلى القطاع الخاص- قائلاً: يا سيدي هذا الداء لا يتواجد في الطبقات الغنية كما يظن البعض، بل تجده في الطبقات الاجتماعية الأخرى، كما أن الأمر لا يقتصر على النساء، لأن بعض الرجال يُدمنون السهر في المقاهي والملاحق المنزلية، ويتناولون وجبات عشاء دسمة عند منتصف الليل.
وفي نهاية المطاف، فإن أحد الأمثال الشعبية الإنجليزية يؤكد: "ساعة نوم قبل منتصف الليل تساوي ساعتين بعده".
وهناك العديد من الدراسات والأبحاث العلمية التي تؤكد حجم أضرار السهر على الصحة البدنية والنفسية، وصحة الحامل وتأثيره على النمو الطبيعي للأجنّة والأطفال.
فعند النوم ليلاً، يقوم الجسم بإفراز هرمون "الميلاتونين"، الذي يزيد إفرازه في الليل، ويقلّ وجوده في النهار، وبالتالي فإن الجسم يُحرم من إفراز هذه المادة، مما سيؤثر سلباً على وظائف الجسم.
وهذا الداء يقترن بالمزاجية لمن يُصاب به، فإن كان معلماً أو قاضياً أو غير ذلك، يؤثر سلباً على قراراته، مما يتطلب منَّا إعادة تأهيل أنفسنا، وتصحيح المسارات الخاطئة في حياتنا، والالتزام بقواعد العمل والتعامل مع الآخرين للجودة النوعية للحياة.