مفردة النجاح تجعلنا نحلق معًا نحو تحقيق الأحلام والتطلعات المنشودة في بيئات العمل مهما اختلفت وتنوعت.. القيادة الاحترافية الناجحة تخطط جيدًا وبدقة متناهية لتحقيق معايير النجاح المؤسسي وتهتم كثيرًا بتفاصيل إدارة الموارد البشرية وتعمل حثيثًا على استثمار هذه الطاقات بكفاءة عالية وتعمل جاهدة على تطوير القدرات القيادية لهؤلاء الشباب أمل المستقبل وفق خطط محكمة وبمنهجية علمية والعمل بموجب قيم مؤسسية حقيقية يعيها ويطبقها كل فرد في المنظمة.
القائد الناجح يدرك حقيقة العمل بحب وانتماء وإعداد جيل جديد من الصف الثاني ويسعى بمهنية عالية لاختيار الكفاءات الوطنية الجديرة بالثقة وذلك وفق مؤشرا أداء تم رصدها بأمانة ونزاهة عالية وبشفافية ووضوح وبدون تحيز ولا إجحاف بحق أحد من خلال رؤية واضحة للمستقبل وتحديد دقيق للأهداف التي نرغب في تحقيقها في كل مؤسسة.
على مدار سبع وعشرين عامًا عملتها في التعليم وفي مجالات متنوعة خارج العمل الرسمي عايشت فرق عمل وقيادات من الجنسين رجالاً ونساء وتركت في حياتي الشخصية والمهنية بصمات وعلامات استرشدت من خلالها آليات العمل في البيئات النموذجية التي نحلم بها جميعاً، كلما واجهت صعوبة وتحدياً ونمط شخصية وأسلوباً إدارياً لا يروق لي ولا لفريق العمل أحدث نفسي بأنني إن قدر الله لي قيادة فرق عمل لن أمارس هذا السلوك والطريقة في التعامل مع زملائي وزميلاتي، الناس تأسرهم الكلمة الطيبة والتعامل الراقي مع وضوح للرؤية وعقد الاجتماعات المختصرة والمحددة في أهدافها وبلغة الحوار الإداري المهني والعلمي.
من أروع التجارب التي لا زالت عالقة في ذهني تجربة قيادة القادة في بداية عملي كممثلة لمركز الحوار الوطني بينبع قبل ستة عشر عامًا، كان الفريق النسائي الذي عملت معه كلهن قيادات نسائية وشخصيات اعتبارية في الهيئة الملكية تعلمت منهن فنون العمل الجماعي في بيئة عمل مثالية وأتذكر جيدًا كلمات الأستاذة القديرة المستشار التعليمي في مكتب نائب وزير التعليم آنذاك الأستاذة -رقية العلولا- بعد انتهاء الحفل وقد قدم الفريق أوبريتاً وطنياً كان الأول من نوعه في محافظة ينبع، وكان التحدي كبيراً والنجاح أكبر وكان مبهراً حتى قالت الأستاذة رقية كلمة حفرت في ذاكرتي على مر هذه السنين واستحضر جمال اللحظة وروعتها: (كنت أرى في عيون فريقك البحث عن الرضا في عينيك يا منى، أي إدارة بالحب أدرت هذا الفريق، كل الجمال والروعة في المسرح والأداء الرائع لا يوازي هذه النظرات التي كنت أرقبها طوال الحفل وأشعر بالسعادة تغمرني)، قد تكون هذه الكلمات هي من أجمل ما سمعت في حياتي من امرأة لن تجامل وعرف عنها الجدية والصدق في كلماتها ومهنيتها العالية.
الإيمان العميق من قبل القادة بأن كل فرد من أفراد المؤسسة له قدراته الخاصة وإمكاناته التي تختلف عن غيره تجعلنا نوظف هذه الطاقات بالشكل الملائم وحتما سيكون العمل الجماعي مميزاً ومختلفاً عندما يشعر كل عضو في الفريق بأهميته ودوره مما يخلق بيئة تنافسية إيجابية.
وعلى النقيض تماماً تلك القيادات الصعبة في تعاملها مع الآخرين وتعتقد أن التسلط الإداري ورفع الصوت والانفعالات المستمرة في بيئة العمل يجعل لهم هيبة ومكانة والعكس صحيح، حتماً ولابد سيحدث التسرب الوظيفي وتقل الإنتاجية وتخسر المؤسسات الكفاءات بسبب سوء المعاملة وعدم التقدير وفي أحيان كثيرة التهميش وعدم إنزال الناس منازلهم التي يستحقونها ولا يتم تقديرهم سيجعلهم يبتعدون ويختارون طريقاً آخر يجدون فيه تحقيق أحلامهم وسوف ينالون حظهم من التقدير الذي ينشدون بل قد يفوق توقعاتهم لأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
القائد الذي لا يتمالك أعصابه ويزل لسانه في لحظات الغضب لن يكون ذا قيمة في نظر من يعملون معه ولن يتوقع أنه في حال هدوئه وانتهاء الأزمة بأن ما حدث في لحظة الانفعال انتهى بابتسامة أو هدية أو أي تصرف آخر فما يكسر لا يمكن إصلاحه في العلاقات الإنسانية، لغة التواصل مهمة جداً في بيئات العمل فالعلاقات الإيجابية تسهم في بناء الثقة وتعزيز التعاون والفهم المشترك وتعمل على تحفيز الفريق وتعزيز رغبتهم في التعلم والتطور من خلال تقديم التغذية الراجعة البناءة وتوفير الفرص التدريبية المناسبة.
أن تحب عملك وتحب من تعمل معهم ليس بالكلمات بل بالأفعال، إن أحببنا ما نعمل ومع من نعمل سنبدع وسيترجم هذا الحب لعطاء متجدد وسيشهده أهل الأرض والسماء وسيجعل الله له القبول مهما حاول أعداء النجاح أن يحجبوا ضوء الشمس، ومن احتسب عمله عند الله وتوكل عليه فإنه لن يضيعه أبداً وسيأتي اليوم الذي تتحقق فيه أحلامك.