يعرف القريبون مني أنني أحب الأغاني منذ فترة طويلة، وأيام دراستي في الجامعة الإسلامية قبل حزمة من السنوات، كنتُ من هواة الاستماع إلى الجدل الدائر حول سماع الأغاني.
لن أدخل في الحكم الشرعي، لأن الكتب كثيرة التي تحدَّثَت عن هذا الموضوع، ومن أبرزها وأهمها كتاب العالم الدكتور «يوسف الثقفي» - رحمه الله- الذي ألَّف كتاباً يتجاوز (٤٠٠) صفحة، وقد استعرضناه في فقرة #مزاين_الكتب الرابضة في سلسلة فقرات برنامج #ياهلا_بالعرفج، ولكن؛ ما الجديد في هذا المقال؟.
الجديد أنني منذ عشر سنوات بدأت أتعامل مع الأغاني؛ مثلما يتعامل رقيب المطبوعات مع الكتب في وزارة الإعلام، إنه يقرأ الكتاب ثم يفسحه إن كان صالحاً، ويمنعه إن كان طالحاً..! وأنا كذلك، صرتُ أسمع الأغنية، فإن كانت كلماتها تتماشى مع توجُّه عقلي الإيجابي وتفكيري التفاؤلي، أعدتُ سماعها مرة ومرتين وثلاثة، أما إذا كانت تتحدث عن تجارب حب فاشلة، أو تدعو إلى الإحباط واليأس والتشاؤم، فإنني أتوقف عن سماعها وترديدها..! إن العقل الباطن يتعلم من خلال التكرار، وهو يخزن ويحفظ كل ما تكرره، وكلنا مررنا بمرحلة الحفظ، وكان ذلك يتم من خلال تكرار النص حتى نحفظه عن ظهر قلب.
لقد مكثتُ أسبوعاً وأنا أسمع، وأحياناً أستمع إلى الأغاني الحزينة، وبالذات الأغاني العراقية، وبعد أسبوع لاحظتُ أن كمية التفاؤل في مشاعري انحفضت، وتدفق الإيجابية أصبح ضعيفاً، أما معجم مفرداتي، فقد أصبح كومة من مفردات اليأس والإحباط وقلة النشاط..!
تخيل أنك تسمع كل يوم أغنية تقول: «كتاب حياتي يا عين»، أو أغنية: كلما دقيت في أرض وتد.. من رداة الحظ وافتني حصاة، وأغنية: «يا حول أنا من بدت الناس يا حول»، وأغنية: قلبي اللي لواه من الصواديف لاوي.. جرّحته الليالي والحظوظ الرديّه..!
بالله عليكم إذا أدمنتَ هذه الأغاني، كيف سيكون حظك في مستقبل الأيام؟!.
إنني منذ عشر سنوات، لا أسمع ولا أُردِّد إلا الأغاني التي تحمل الأمل والجمال والخير مثل: «يا ضايق الصدر بالله وسع الخاطر»، ومثل أيضاً: «يا الله لا تقطع رجا كل مشتاق»، وأغنية: من يقول الزين ما يكمل حلاه.. كل شي في حبيبي اكتمل، وأغنية: «زانت بحبك يا حياتي.. حياتي»، وأغنية: «أحبك لو تكون حاضر»، وأغنية:
«يقولوا لي قنع منك.. وفي الآخر رماك».
حسناً.. ماذا بقي؟!
بقي القول، إن الاستماع إلى الأغاني الحزينة تجعلنا نعاني، لأن الأغنية الحزينة لها ثلاثة مضار هي: (تجدد الأحزان.. التطبيع مع التعاسة.. تبني مفهوم اليأس).
هذا ما عندي؛ فأخبروني ما الذي عندكم؟!.