وهب الله سبحانه وتعالى وطننا العظيم المملكة العربية السعودية الخير الوفير، ما جعلها تعد واحداً من أقوى اقتصادات عشرين دولة على المستوى العالمي، وإذا ما نظرنا إلى التحولات الاقتصادية التي مرت بها المملكة طوال الـ91 سنة الماضية منذ تأسيسها على يد الملك الموحد عبدالعزيز بن عبدالرحمن - طيب الله ثراه - فإننا سنجد أن المنطقة الشرقية من المملكة هي الركيزة الأساسية منذ التأسيس وحتى اليوم، فكانت النخلة في واحتي الأحساء والقطيف تقدم ثمارها يانعة ليقف اقتصادنا الوطني على قدميه، حيث كانت التمرة هي مصدر الغذاء الأهم بل والوحيد في غالب الأوقات، حتى اتخذت الدولة من النخلة الدولة شعاراً تفتخر به، وهكذا مرت عقود من الزمن لتخرج ذات الأرض الطيبة من جوفها البترول والغاز اللذين غيرا ملامح الاقتصاد العالمي، فتبوأت معه المملكة مكانةً عالميةً، فأصبحت واحدة من أكثر الدولة تصديراً وكذا من أكثرها امتلاكاً للاحتياطي، فغدت بلادنا محوراً لاقتصادات الطاقة. وتتربع المنطقة الشرقية على مساحة قدرها 77850 كلم، وهو ما يمثل 26 % من مساحة المملكة، وهي بذلك تعد أكبر مناطق المملكة جغرافيًّا، ولها إطلالة ساحرة على طول الشاطئ الغربي من الخليج العربي لتجاور جميع دول الخليج.
سلة الغذاء
تضم المنطقة الشرقية العديد من الواحات الزراعية من أهمها الأحساء والقطيف، حيث تمثل الأحساء التي تستذكر بفخر كيف احتضن وبايع مواطنوها الملك عبدالعزيز - يرحمه الله - سنة 1331هـ، وشاركوا منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا الحاضر في بناء الوطن كبقية المواطنين في ربوع وطننا الكبير، واحة الأحساء هذه الأرض التي جادت «ولا تزال» بخيراتها منذ الأزل، فهي تعد أكبر واحة نخيل على وجه الأرض «بحسب موسوعة غينيس للأرقام القياسية»، فهي تملك نحو 2.5 ملايين نخلة من مختلف الأصناف، والتي تثمر أجود أنواع التمور الذي يحلو للبعض أن يصفه بـ»بترولنا الحلو»؛ لما يثمله من أهمية وقيمة اقتصادية كمحصول زراعي استراتيجي.
فيما تمتلك محافظة القطيف إرثاً حضارياً وتاريخياً واقتصادياً عميقاً، وقد حظيت المحافظة باهتمام كبير للتنمية فيها من قبل حكومة خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله -، وتتميز بمكونات جغرافية ساحلية وزراعية وبرية، فهذه الواحة الغناء شكلت المنفذ الرئيس الذي يغذي المنطقة الشرقية وبعض مناطق المملكة الأخرى بالثروة السمكية. وفي ذات السياق فإن هناك العديد من الفرص الاستثمارية الكامنة في الصناعات السمكية في محافظة القطيف، وتشير إحصاءات وزارة التجارة والصناعة إلى أنه توجد مصانع في مدينة القطيف تعمل في نشاط تجميد الأسماك، ومصانع تعليب الأسماك، التمليح، وصناعة مسحوق وزيت السمك وهي تمثل فرصاً استثمارية جيدة.
وتمتلك محافظة القطيف رقعة زراعية متنوعة بين النخيل والعديد من الفواكه، كما يوجد فيها 51 مصنعاً، تمثل 3.2 في المئة من إجمالي المصانع المنتجة في المنطقة الشرقية، وتستحوذ مدينة سيهات على 57 في المئة من المصانع العاملة في صناعة المنتجات الغذائية في المحافظة، كذلك تستحوذ على 75 في المئة من المصانع العاملة في مجال صناعة الورق، كما توجد في القطيف مصانع في مجال المنتجات الكيميائية ومنتجات المعادن اللافلزية، ويقدر اقتصاديون سعوديون حجم الفرص الاستثمارية المتنوعة في محافظة القطيف بثلاثة مليارات ريال.