اليوم الوطني السعودي الحالي يعتبر واحداً من أسعد، وربما يكون أكثرها سعادة، مرَّ على المملكة العربية السعودية منذ قيامها. إذ أنعم الله عليها بملكٍ حكيم، دفع بها عقوداً إلى الأمام، واختار لها ولياً للعهد - رئيس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان - طموح وجريء، «استخدم ثروات بلاده لتحقيق رؤيته في بناء اقتصاد أقل اعتماداً على النفط، وجعل بلاده لاعباً رائداً في الطاقة المتجددة، والمناخ والتحول الرقمي والسياحة والاستثمار والرياضة».. كما وصفت ذلك صحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) الأمريكية.
يبدو المستقبل بقيادة، محمد بن سلمان، وجهد الشباب السعودي الصاعد حلم، في سبيله لأن يتحقق على أيدى الحالمين من الشباب السعودي، إناثاً وذكوراً. وتنطلق المشاريع والبرامج متتالية، ويتحقق الكثير منها على أرض الواقع. وبينما خرائط المواجهة بين القوى الثلاث، الولايات المتحدة وروسيا والصين، ترسم، وتستعد الدول لذلك، فإن الدول التي تتمتع ببعد نظر وقيادة حكيمة، تعمل على تكثيف النمو الاقتصادي لبلادها، وهو ما سعى إليه محمد بن سلمان، ونجح في تحقيق جزء كبير منه حتى الآن. وأصبحت السعودية قوة إقليمية وعالمية لا يستهان بها، ويسعى الكثير من الدول إلى كسب ودّها.
وعد سمو ولي العهد، رئيس الوزراء، محمد بن سلمان، بأن يكون الشرق الأوسط أوروبا الجديدة. وتسعى المملكة إلى تحقيق الاستقرار للإقليم، لذلك تساعد الكثير من الدول العربية في المنطقة لتحقيق نموها الاقتصادي واستقرارها السياسي. وهذا أمر يتطلب قيام كيانات إقليمية تستطيع التحرك لمعالجة ما قد يحدث في أي بلد عربي. وهذه مهمة كانت الجامعة العربية موكلة بالقيام بها حسب المتوقع، ولكنها عجزت عن ذلك. ويتطلب الأمر مراجعة للوضع ومساهمة فاعلة من قيادات عربية طموحة وجريئة مثل القائد السعودي محمد بن سلمان.
ولا شك أن النخب في الدول العربية يجب أن تشارك في بناء المستقبل، فليس من المريح أو الآمن أن نشاهد دولاً عربية فاشلة في أكثر من مكان، أكان في السودان أو ليبيا أو اليمن، أو لبنان والعراق والصومال، وربما غيرها. ومن المؤكد أن يمتد فشل الدولة السودانية وتقسيمها إلى دول إقليمية مجاورة، وكذلك الأمر بالنسبة لليبيا، وأكثر من دولة عربية أخرى تواجه مخاطر الفشل.
وآخر مثال على ضعف البنيان العربي، طوفان ليبيا وزلازل المغرب. حيث وصلت الأمور إلى أن المغرب رفض أي تعاون من جارته الجزائر خلال الزلازل، بسبب الخلاف الحاد بينهما على الصحراء الغربية، حيث تساند الجزائر جماعات تقاتل فيها لتخرج من الإدارة المغربية. وكذلك الأمر بالنسبة للمأساة التي حدثت نتيجة انهيار السدود في (درنة) الليبية. إذ لازال أهل الوطن الواحد مختلفين فيما بينهم، وأصبحت الكثير من النخب الليبية تعمل، لا لصالح الوطن، وإنما لصالح مصالحها الشخصية. ويمكن أن نتحدث كثيراً عن معاناة العراق وسوريا ولبنان وغيرها.
هناك حاجة لمؤسسات عربية تضع القواعد لاستقرار المنطقة، وتسعى لتنفيذها، مشابهة لما لدى الاتحاد الأوروبي، وبعض مما يتم في مجلس التعاون الخليجي. ولن يتم هذا إن لم تسعَ النخب الخليجية، وهي النخب العربية الناجحة، وعلى رأسها ولي العهد رئيس الوزراء السعودي، إلى التصدي للانهيار القائم، ومحاولة علاجه، وإقامة المؤسسات المناسبة لذلك، حتى وإن استمر البناء لفترة طويلة. إذ لابد أن نبدأ من الآن.