بلغة عربية بيضاء وبسيطة تصل للقلوب وتلامس الروح كانت كلمات الفيديو الذي نشرته وزارة التعليم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكانت الكلمة والصورة والسيناريو تنقل بمشاعر إنسانية صادقة قيمة المعلم ودوره المجتمعي، فعلاً معلمي ما نسيتك وكيف ننسى من علمنا كيف نكتب ونقرأ، كيف ننسى من بذل وقته وجهده وتفانى في عمله من أعصابه وتفكيره ليواكب كل متغيرات الحياة ومتطلباتها وواجه التحديات الكبيرة في سبيل إيصال رسالة العلم وزراعة قيم وتعديل سلوك.. والله لا يكفيك يوم الخامس من أكتوبر لنقول لك شكراً معلمي، شكراً معلمتي.
بالأمس القريب احتفل العالم بأسره بصانع الحضارة الإنسانية معلم الناس الخير المعلم وتم اتخاذ شعار لهذا العام اعتمدته اليونسكو والذي يحمل بين طياته معان عظيمة: (المعلمون الذين نحتاجهم للتعليم الذي نريده).. نقص في أعداد المعلمين في مقابل زيادة في عدد المتعلمين يعتبرًا تحديًا عظيمًا على مستوى العالم مما يتطلب الاستثمار الفعال للكوادر البشرية القائمة على رأس العمل ومازال شغف العلم وحب التعليم هو الوقود المحرك لهم ليستمروا في مشوار العطاء رغم زيادة الأعباء التي أثقلت كواهلهم ومازالت طموحات المعلمين كبيرة جدًا، هم اختاروا المهنة بمحض إرادتهم وايمانًا منهم بأهميتها وقيمتها وكل ما يأملونه اليوم مزيدا من التقدير والاحترام من كافة شرائح المجتمع، وإعادة هيبة المعلم تبدأ من البيت أولاً، لا تبنى حضارة بدون معلم، فلنتق الله فيهم ولنربي أولادنا على تعزيز وعلو شأنهم وقدرهم في أعيننا وفي حديثنا عنهم في مجالسنا، المعلم الذي واجه أزمة كورونا والتعلم عن بعد باقتدار وبحرفية عالية في ذلك الوقت المنصفون فقط من أولياء الأمور استشعروا الدور الذي يمارسه المعلم مع طلابه الذين يتجاوز عددهم في الفصل الواحد أربعين طالبًا.
الاحترام مطلب إنساني وليس رفاهية وكذلك التقدير والجوانب النفسية والمعنوية إن تم تدارك تفاصيلها في بيئاتنا التعليمية سيكون الناتج عمل مميز وإنتاجية عالية ومعايير السعادة المؤسسية ليست كلام على ورق ولا للتسويق الإعلامي، بل حقيقة واقعية، كل الشركات الكبرى الناجحة تهتم بتفاصيل سعادة الموظف ليزداد ولاؤه ولرفع مؤشرات الأداء والإبداع والابتكار في العمل وليستشعر بالانغماس الوظيفي وحالة التدفق المعرفي والإنتاجي.
همسة من القلب لصناع القرار في الوزارة لنكرم كبار المعلمين سناً والذين أفنوا عمرهم في تقديم هذه الرسالة العظيمة لنتجاوز عن الأنصبة المكتملة لهم من الحصص فقد أصبحوا بيوت خبرة ولا يليق بالخبير إن استنزف صحته ويقف يوميًا ست حصص متوالية وقد بلغ من العمر ما بلغ وهو في أروقة المدرسة وقد انحنى ظهره وشاخ عظمه لكنه محب لمهنته ويريد الاستمرار ليكمل المشوار، كرموهم وارحموا سنوات ضعفهم التي ستطال كل فرد منا فهذه سنة الله في خلقه.
لنستحضر سيرة العظماء والمفكرين والعلماء الذين خلدهم التاريخ وأولئك الذين يسطرون اليوم منجزات وطنية كل هؤلاء خلفهم جندي مجهول معلم أفنى عمره ليصل هذا المتميز لمنصات التتويج وتمثيل الوطن وتخليد اسمه، كم واحد منا ذكر اسم معلمه الأول ومن هو المعلم المؤثر في حياته، أعتقد مجتمعنا بمجمله وفي ويقدر من لهم فضل عليه بعد الله، شكرًا وزارة التعليم على هذا الفيديو الذي أثار قريحتي لأكتب في هذا اليوم الذي ذرفت فيه دموعي لأنني لم أجد أمام عيني من اعتدت كل عام لأقول له معلمي وقدوتي ومربي الأجيال يا من قدمت أربعين عامًا من عمرك خدمة لدينك ووطنك والتعليم في وطني وقد واراك التراب تحت الثرى اليوم أقول اللهم ارحم أبي وعظم له الأجر وبلغه منازل الشهداء والصادقين وارفع درجاته في عليين بكل حرف علمه في كتابك وفي سنة نبيك وعدد من تخرج من طلابك وتتلمذ بين يديك حتى تبلغ الفردوس الأعلى وسأظل يا أبي الحبيب ابنتك التي ورثت عنك حب العلم والمعرفة وأحمل عشقًا أبديًا للتعليم ما بقيت الروح في الجسد لأحمل مسمى المعلمة بنت المعلم مهما ترقيت في المناصب أو حملت من شهادات وبلغت من ترقيات يكفيني فخرًا أني معلمة ومربية للأجيال.. نم قرين العين في قبرك يا والدي فهناك من يكمل مسيرتك الخالدة في التعليم.