معاناة الآباء والأمهات مع أبنائهم، ورغبتهم في إصلاح الوضع، لا يعلم بها إلا الله، وتعلّقهم بأي قشة أمرٌ واضح، وبذلهم الغالي والنفيس أمرٌ لا شك فيه، وتبذل الدولة من جهةٍ أخرى الدعم والمساندة، وتوفير الدعم المالي للأسر، ومحاولة تبنِّي اتجاه واضح يساعد علي إدخالهم للمجتمع، وتيسير أمورهم مستقبلاً. وفي نفس الوقت - وعلي النقيض - يجد البعض فيه سوقًا مربحة من زاوية تسعير الخدمة، ومن زاوية ادّعاء قدرة البرامج في تحقيق المستحيل، والقدرة علي المساعدة على إدخال فلذات أكبادنا للمجتمع، والضامن الله.
التوحُّد كداء يصيب الأطفال، وخاصة الذكور بصفةٍ أكبر، وينبغي التفرقة بينه وبين الأمراض والإعاقات الأخرى، ويستلزم تعامل مختلف معه لعلاج الحالات المصابة، وتتفاوت درجاته من طفلٍ إلى آخر، بين العميق والطفيف. وللأسف نجد أن البعض يُركِّز على أبعاد غير أساسية عند بناء البرنامج للتعامل مع الأطفال التوحديين، ويبدأ في الخلط والدخول في جوانب جانبية، وليست أساسية، ومعها يضيع الطفل وعائلته. ويعد كلام القائم علي البرنامج، فرض، والاعتراض عليه، عدم مفهومية، خاصةً وأن عدم المعرفة بما يجب أن يتم؛ يضع الآباء والأمهات في حيرة، خاصةً وأن الطفل ومرضه وتأنيب الضمير عوامل ضغط إضافية، ومعها يدخلون في نفق المصاريف الضخمة، ولزوم التعامل الشخصي، وشح المعرفة والتعليم، والبرنامج ليس له نتائج متوقعة واضحة، وأي انحراف وعدم تحقق النتائج ينسب إلى أسباب مجهولة، وليس ليد صانع البرنامج يد فيها، ولا يعتبر نتاج فشله في تحديد الإجراء الصحيح، أو حتى تطبيقه أمر مقبول، والضامن الله. ولكن هنا تقع المسؤولية على المرخص وقدرته على الحكم، وهي مسؤولية ضخمة لحماية المجتمع، وتحديد البرامج واعتمادها كأي مناهج موجودة في التعليم لكل أبنائنا، بل وهنا تعتبر أكثر إلزامية، نظراً لمحدودية قدرة الآباء مهما قرأوا وتعلّموا وبحثوا، فالإمكانيات التي تتوفر للمرخص، لا يمكن بأي حال أن تتوفر للأسرة، وتقييم البرامج والخطط ونمذجتها والارتباط بها وتطبيقها واجب، تجاه أبنائنا التوحديين، حتي لا تقع الأسر ضحية نتيجة لرغبتهم في معالجة وضع أبنائهم في العيش حياة كريمة مستقبلاً.
حقيقةً، هناك حاجة إلى إعادة النظر في المؤسسات المصرحة، وعدم ترك البرامج لقرار من لا يعلم من خلال النمذجة والتنميط، والتفرقة بين الأطفال التوحديين، وغيرها من الإعاقات، حتي لا يختلط الحابل بالنابل.