في مناسبتين مُوثّقتيْن بالصوت والصورة، واحدة قديمة وأخرى حديثة، حدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي مهمّته وهو في أواخر حياته السياسية في دولة إسرائيل اليهودية!.
في المناسبة القديمة التي كانت في شبابه، ذهب لأحد كبار الحاخامات اليهود؛ طالباً منه البركة والنصيحة، فأمره الحاخام بكثرة الحروب (والقتل يكثر طبعاً في الحروب، والحروب لا تُوجّه إلّا ضدّ العرب، وما بين القوسين هو كلامي)، كي يظهر المسيح المُخلِّص الذي ينتظره اليهود والمسيحيون الإنجيليون المتطرّفون، فردّ عليه نتنياهو بالابتسامة والإيجاب والقبول، وهو خاشع في حضرة الحاخام وكأنّه في صلاة!.
وفي المناسبة الحديثة التي حصلت قبل أيام، خلال إلقائه خطاباً للشعب الإسرائيلي بسبب الحرب على غزّة المُرابطة، قال إنّه سيُحقّق نبوءة أشعياء المذكورة في إحدى النسخ المحرّفة للتوراة، من أنّ الله سيأتي على سحابة سريعة، فيرتجف المصريون في حضرته، وتذوب قلوبهم، وسيُدمّر مصر كلّها مدينةً مدينة، ويُثير شعبها ضدّ بعضهم البعض ليتحاربوا، ويُجفّف نهر النيل وتفرّعاته حتّى ينضب!.
ورغم تحريف التوراة، إلّا أنّ نتنياهو يبدو مُخلِصاً لها، وليس هو وحده، بل كثير من اليهود والمسيحيين الإنجيليين في الغرب، لأنّه لا أحد في الغرب قد انتقده على هذا الخطاب الديني العنصري، وهم أعلم منه بنصوص التوراة المحرّفة، في الوقت الذي تُقيم فيه إسرائيل سلاماً كاملاً مع الشقيقة مصر!.
وهكذا حوّلت إسرائيل الحرب؛ لحربٍ دينية بحْتة فيها طرفان، أبناء النور الذين يقصد نتنياهو بهم الإسرائيليين في خطابه، وأبناء الظلام الذين يقصد بهم العرب وعلى رأسهم المصريون، وأصبحت أهداف الحروب التي شنّتها إسرائيل واضحة وأوراقها مكشوفة، ولم تكن خطابات القادة الإسرائيليين أوضح وأشدّ كما هي في هذه المرحلة، والعقاب الجماعي لأهل غزّة قد يُقصد به عقاباً وحرباً ضدّ العرب، باسم التوراة المُحرّفة وصولاً لتدمير المسجد الأقصى، وسط دعم غربي هائل، وصمت مؤسّسات دولية خاضعة للغرب مثل مجلس الأمن الدولي وغيره، ويحتاج الأمر الآن لتحالف عربي وإسلامي أقوى لمواجهة هذه التهديدات الخرقاء، وإنّها فتن تكمن النجاة منها بالتمسّك بكتاب الله وسنّة نبيّه الكريم، وهذا هو الصراط، هذا هو الصراط!.