وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على مشروع القرار العربي الذي يدعو إلى هدنة إنسانية فورية ومستدامة في قطاع غزة بموافقة 120 عضوا بينما رفضته 14 دولة، وهذه الموافقة تعبر عن الرأي العام العالمي الحقيقي الذي يقف مع الشعب الفلسطيني ضد العدوان الإسرائيلي المشين على قطاع غزة.
ومن المثير للدهشة والتأمل والاشمئزاز، أن يصف سفير دولة الاحتلال الإسرائيلي هذا القرار بالمشين، ويتحدث بأن الأمم المتحدة التي تُمثل كافة دول العالم لا تتمتع بالشرعية، فدولة الاحتلال التي لا تمت للشرعية بأي صلة، تتحدث عن الشرعية، وتناست عدم شرعية بناء المستوطنات، وسرقة أراضي الفلسطينيين منذ 1948 وحتى الآن بصورة لا تتوقف، ناهيك عن مخطط الاستيلاء على منازل المقدسيين في القدس لتغيير ديمغرافية القدس لصالح اليهود، أي شرعية تتحدث عنها إسرائيل، وهي تٌمارس أبشع جرائم القتل والتنكيل بحق الشعب الفلسطيني، سارقي الأرض والقتلة والعصابات تتحدث عن الشرعية.
صحيح أن الولايات المتحدة والغرب لديهم انحياز واضح وكامل لدولة الاحتلال الإسرائيلي لأسباب متعددة، ولكن حديث الدول الغربية عن حق إسرائيل في الدفاع عن النفس، لهو أمر خارج إطار المنطق والعقل، فأي حق للاحتلال في الدفاع عن النفس، فالقانون الدولي والشرائع المختلفة تتحدث على حق الشعوب المحتلة في الدفاع عن النفس والمقاومة بما فيها المقاومة المسلحة ضد الاحتلال، وما فعله الشعب الفلسطيني لا يخرج عن هذا الإطار، فإذا أراد الاحتلال أن تتوقف المقاومة، فمن المعلوم بالضرورة أن عليه إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967، وهذا أضعف الإيمان.
إن الحرب على قطاع غزة كشفت زيف المبادئ الغربية المتعلقة بحقوق الإنسان، وازدواجية المعايير، فالغرب الذي كان يُصدعنا عن حقوق الإنسان، ويقلب الدنيا رأسًا على عقب بسبب تعرض شخصا ما لأذى لسبب أو لآخر، يقف ساكنًا صامتا أمام الجرائم التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الذي يتجاوز تعداده 2.2 مليون نسمة، فعن أي حقوق إنسان تتحدثون، فإما أن الإنسان العربي في قطاع غزة، يختلف عن الإنسان الأوروبي، أو الإسرائيلي، وإما أنه حيوان بل في مرتبة أقل من الحيوانات، فهناك جمعيات غربية تدافع عن حقوق الحيوان، لم تتحدث عن حقوق الشعب الفلسطيني في البقاء والتعايش وحقه في إقامة دولته مثل باقي شعوب العالم، فعن أي تحضر وإنسانية تتحدثون.
ما يطرح الكثير من الأسئلة والتعجب، هو إرسال الولايات المتحدة حاملات الطائرات وآلاف الجنود من القوات الخاصة إلى المنطقة، ناهيك عن بريطانيا التي أرسلت عدة مدمرات إلى إسرائيل، لدعم جيش الاحتلال الذي يصل تعداده 187 ألف جنديًا نظاميًا و565 ألف جنديا احتياطيا، ويمتلك 1964 طائرة، بينها 689 مروحية، و3230 دبابة، و64 قطعة عسكرية في ترسانتها البحرية، كل هذا لماذا؟ لمحاربة مجموعة تتسلح ببعض الأسلحة البدائية المصنعة محليًا؟، أم هناك مخطط آخر لبلع المنطقة بالكامل؟
أسأل الله العظيم أن ينصر إخواننا المسلمين في فلسطين على اليهود الغاصبين، وهذه الدعوة أفضل من مليون مظاهرة في الشارع، فالتظاهر وتكسير السيارات لن يُحرر القدس، فهناك الملايين قاموا بالتظاهر في العديد من الدول، وقاموا بتكسير السيارات واشعال الحرائق ونشروا الفوضى وعطلوا مصالح بلدانهم.
ولكي يشهد التاريخ، فأكثر من ساند القضية الفلسطينية هي المملكة العربية السعودية التي تقدم مليون دولار يوميًا لفلسطين منذ عام 2000 وحتى اليوم، وهناك 600 ألف فلسطيني في السعودية يعيشون حياة كريمة، وقامت بإنشاء 200 مشروع للتنمية في فلسطين، وقدمت 280 مليون دولار لدعم صندوق القدس، و260 مليون دولار لترميم الأحياء السكنية و100 مليون دولار لدعم المستشفيات، و250 مليون دولار لدعم الجرحى، و365 مليون لدعم مشروع رفح السكني، و150 مليون لدعم التعليم، وقدمت المملكة 155 شهيدا في حرب 1948.
وأخيرًا وليس آخرًا، فإن المملكة لم تدخر جهدًا عن مساندة القضية الفلسطينية سواء على المستوى السياسي من خلال دعم الأشقاء في كافة المحافل الدولية أو على المستوى الاقتصادي من خلال تقديم الدعم المادي مثل ما ذكر سابقًا.
(اللهم آمنا في أوطاننا وانصرنا على أعدائك أعداء الملة والدين).