منذُ عقود وحتَّى هذه اللحظة؛ يؤثِّر اللوبي الصهيوني في اتِّخاذ القرار الأمريكي، ويحدِّد مسارات الانتخابات الأمريكيَّة.
هذا اللوبي يحظى بدعم من الجهات المانحة الكُبْرَى، وشركات كُبْرَى ومنظَّمات عديدة، وجماعات الضغط، ومنها (إيباك)، والمسيحيون المتَّحدون من أجل إسرائيل، وهم مَن يقنعون الرؤساء المنتخبين، وبالتالي كلَّ مَن يُشكِّك فهو معادٍ للساميَّة، فضلًا عن النشاطات الإعلاميَّة المؤثِّرة التي تبرز إسرائيل وكأنَّها الضحيَّة.
الكتاب الذي أثار الجدل حين صدوره؛ جعل الصهاينة غاضبين جدًّا من محتواه؛ لأنَّه يكشف النقاب عن أمور عديدة لا يريدون أنْ يعرفها العالم.
اسم الكتاب: (اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجيَّة الأمريكيَّة). فلا غروَ إذن أنْ تقف الولايات المتَّحدة، وبريطانيا، وبعض دول الغرب في صفِّ إسرائيل في حربها ضد الفلسطينيين، والتي تدور رحاها حاليًّا في غزَّة، وهي معركة غير متكافئة البتة، ولولا شعور المقاتلين الفلسطينيين بأنَّهم يدافعون عن أرضهم المحتلة، لما استمرَّت هذه المعركة يومًا أو يومين.
في هذا السياق؛ نعود إلى ما نشرته صحيفة «هآرتس» الإسرائيليَّة في افتتاحيتها بعنوان: «الفلسطينيون أفضل شعوب الأرض في الدفاع عن أوطانهم»، وأنصح القارئ الكريم أنْ يستدعي هذه الافتتاحية من خلال «جوجل»؛ لأنَّ فيها ما ينضح به الضمير الحي، وأجمل ما تزهر به الحريَّة الفكريَّة، وتتضمَّن الخسارة الماليَّة التي مُنيت بها إسرائيل من جرَّاء الحرب، حيث تخسر 912 مليون دولار كل ثلاثة أيام، ثمن الطلعات الجويَّة وصواريخ الباتريوت والذخائر والصواريخ بكلِّ أنواعها؛ ممَّا أدَّى إلى هبوط البورصة، وشلل تام في الزراعة، وتوقُّف معظم المؤسَّسات التجاريَّة، وتعطُّل بعض المطارات، وبعض خطوط القطارات.
وتستطرد الصحيفة قائلة: «إنَّهم فعلًا أصحاب الأرض، ومَن غير أصحاب الأرض يدافع عنها بنفسه وماله وأولاده بهذه الشراسة وهذا الكبرياء والتحدِّي، وأنا كيهودي أتحدَّى أن ْتأتي إسرائيل كلها بهذا الانتماء، ولهذا رأينا هجرة اليهود بهذه الأعداد في المطارات، يسارعون للهجرة منذ بدء الحرب. جيوش دول بكامل عتادها لم تجرؤ على ما فعلته المقاومة الفلسطينيَّة في أيام معدودات، فقد سقط القناع عن الجندي الإسرائيلي الذي لا يُقهر، وأصبح يُقتل ويُخطف».
الأستاذ عمرو موسى وزير الخارجيَّة المصري الأسبق؛ والأمين العام للجامعة العربيَّة الأسبق؛ تحدَّث عن المؤتمر الدولي الذي دعت إليه مصر، وكيف بدا واضحًا أنَّ المجتمع الغربي غير مستعد لتطوير مفاهيمه، خصوصًا ما يتعلَّق بحفظ السلم والأمن الدوليين، ويعنى بذلك سياسة ازدواج المعايير، فما يدافع عنه في الحالة الأوكرانيَّة يدافع عن عكسه في الحالة الإسرائيليَّة - الفلسطينيَّة، وقد بدا ذلك واضحًا في مداخلات معظم الدول الغربية في مؤتمر القاهرة، ويتساءل: «على أي أساس أخلاقي رفضت الدول الغربية أنْ يصدر مجلس الأمن قرارًا يتعلَّق بالمعونات الإنسانيَّة للمدنيين في غزة، ويرفضون وقف إطلاق النار؟!».