تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بدأت المملكة في استضافة المؤتمر الدولي حول المرأة في الإسلام، والذي تنظِّمه منظَّمة التَّعاون الإسلامي، ولمدة ثلاثة أيام في جدَّة، وذلك بهدف تسليط الضوء على نجاحات المرأة المسلمة، وإبراز دورها ومساهمتها في التنمية، والرد على الشبهات والمغالطات التي تستنقص من حقوق المرأة في الإسلام، والتأكيد على أنَّ التعاليم الإسلاميَّة لطالما أنصفت المرأة. ومن حسن التدبير والتخطيط الجيد لتنفيذ هذا المؤتمر أنْ يكون بالقرب من مهبط الوحي في مكَّة المكرَّمة ليستحضر معنا العالم بأسره دور أم المؤمنين السيِّدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- أوَّل مَن آمن بنبيِّ الهُدى محمد بن عبدالله -عليه الصلاة والسلام- والذي أخبره جبريل -عليه السلام- بأنَّ الله يقرأها السلام، ويبشرها ببيت لا صَخَبَ فيه ولا نَصَب، آزرت نبينا، ووقفت معه، وصدَّقته، وكان لها الدور العظيم في تهدئة روعه ليكون ثابتًا وقويًّا في مواجهة أمرٍ جَلَلٍ ليس بالهيِّن وهو نزول الوحي، كما نستحضر دور أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- في الرواية عن رسول الله، والحديث عن شؤونه في بيته، ومع أهله. وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُكنُّ لها مكانةً خاصَّةً، وأكرمها الله بحفظ الدِّين، والتفرُّغ للعلم، ورواية الحديث، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيتها عندما حان موعد الأجل؛ ليموت بين يديها، وأم سلمة -رضي الله عنها- كانت المستشارة، فبرأيها السديد كان صلح الحديبيَّة، وفاطمة الزهراء -رضي الله عنها وأرضاها- (أم أبيها) مَن يقبِّلُها النبيُّ بين عينيها، ويقف حبًّا لها وإكرامًا لمكانتها عنده؛ لتكون من سيِّدات الجنَّة، ومن أكمل النساء اللاتي ذكرهُنَّ الرسولُ -صلى الله عليه وسلم-.
ونحن -اليوم- هنا في هذه الأرض المباركة المملكة العربيَّة السعوديَّة حفيدات أمهات المؤمنين، والصحابيَّات الجليلات نعي جيدًا أهميَّة هذه المرحلة التاريخيَّة التي نعيش ونسطِّر كلَّ يوم قصصًا من النجاحات للمرأة السعوديَّة المسلمة المؤمنة بقدراتها، والمعتزَّة كثيرًا بثقة ولي الأمر فيها؛ لتكون مساهمة بفعاليَّة في كتابة التاريخ الحديث، وترك بصمة لا تمحوها السنون في عالم المنجزات الحقيقيَّة للإنسان على كوكب الأرض. ومنذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- ونحن نردِّد اسمَ الأميرة نورة بنت عبدالرحمن ودورها التاريخي العظيم مع أخيها، الذي ما فتئ يعتزُّ بأنَّه "أخو نورة"؛ حتَّى أصبح لنورة -اليوم- معلمٌ حضاريٌّ وعلميٌّ فريدٌ من نوعه على مستوى الشرق الأوسط باسم جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن؛ ليكون شاهدًا حقيقيًّا على القدر الذي توليه القيادة الحكيمة للمرأة السعوديَّة التي تُعدُّ اليوم نبراسًا يُحتذى به في كل المجالات العلميَّة والسياسيَّة والثقافيَّة والأدبيَّة والفكريَّة والرياضيَّة والفنيَّة والإبداعيَّة.
لغة الأرقام -اليوم- تحكي قصص الفخر والاعتزاز بمنجزات حقيقيَّة تحقَّقت على أرض الواقع، ونسير بخطى واثقة وقويَّة نحو تحقيق مستهدفات الرؤية الوطنيَّة المباركة في مجال تمكين المرأة، وفق المستهدفات المعتمدة في الخطط المرسومة بدقَّة وعناية فائقة، ومن قِبل خبراء ومختصُّون يحلِّلُون الواقع ويرصدُون الإمكانات والظروف المواتية لتحقيق الأهداف بمؤشرات علميَّة مُحكمة، وبمتابعة حثيثة في حال حدوث أي انحرافات عن تحقيق الهدف يتم معالجة المشكلة فورًا وتصحيح المسار.
ومرصد المرأة في جامعة الملك سعود يولي اهتمامًا كبيرًا برصد كلِّ ما يتمُّ تحقيقه في هذا المجال، وكلِّ ما يختصُّ بشؤون تمكين المرأة السعوديَّة.
المؤتمر على مدار ثلاثة أيام من المتوقَّع له أنْ يشهد خارطة طريق للإصلاحات القانونيَّة والمبادرات السياسيَّة لتعزيز العدالة، وتمكين المرأة في المجتمعات الإسلاميَّة، إضافة إلى تبنِّي وثيقة شاملة بعنوان (وثيقة جدَّة حول المرأة في الإسلام)، وتضمن المؤتمر خمس جلسات عمل، يناقش خلالها وزراء ومسؤولون وعلماء ومفكِّرُون مكانة المرأة وحقوقها في الإسلام، وآفاق تمكين المرأة المسلمة في التَّعليم والعمل، إضافة إلى مختلف القضايا المتعلِّقة بالمرأة في المجتمعات المعاصرة. وستظلُّ كلمة معالي وزير الخارجيَّة صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان عالقةً بالأذهان، والتي ألقاها في الجلسة الافتتاحيَّة لاجتماع مجلس وزراء خارجيَّة الدول الإسلاميَّة بدورته الـ49، والذي انعقد في العاصمة الموريتانيَّة نواكشوط واعلانه عن مبادرة المملكة في استضافة هذا المؤتمر الدولي عن المرأة في الإسلام؛ ليؤكِّد حرص المملكة ودورها الفاعل من أجل تعزيز مكانة المرأة وتمكينها في مجالات التنمية كافَّة، ولدورها المتواصل في دعم أهداف منظَّمة التعاون الإسلامي، ولجهودها الرَّامية إلى صون حقوق المرأة المسلمة، وتعزيز دورها في التنمية في الدول الأعضاء، ولتكون المملكة -بحق- نبراسًا يُحتذى به في تجربتها الفريدة من تعزيز مكانة المرأة السعوديَّة اليوم، في ظل رؤية طموحة ترى في شعبها رجالًا ونساءً طاقات كامنة، تمَّ استثمارها بشكل فعَّال ليقوم كلٌّ بدوره المُناط به، وتحقيق ما تطمح له القيادة الرشيدة من علو ورفعة ومكانة عظيمة تليق بنا بين الأمم؛ لأنَّنا نمتلك قوَّةً حقيقيَّةً تستحقُّ أنْ تظهر بكلِّ كفاءة واقتدار أمام العالم بمنجزاتها النوعيَّة والفريدة في مضمونها ومخرجاتها، التي تليق بمكانة المملكة العربيَّة السعوديَّة.
المؤتمر الدولي حول المرأة في الإسلام وخارطة طريق للتمكين
تاريخ النشر: 07 نوفمبر 2023 12:03 KSA
A A