أكثر ما يزعج -اليوم- في تناول موضوع حرب إسرائيل على غزَّة ما ينتشرُ في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة عبر الحسابات الوهميَّة، التي خلفها أشخاصٌ ومؤسساتٌ إعلاميَّةٌ من إسرائيل تتقمَّصُ أسماء دول عربيَّة وإسلاميَّة، وكذا أسماء أشخاص إعلاميين قد يكون بعضهم مشهورًا، أو أسماء مفتعلة، أو مستعارة؛ بهدف نشر الفتنة والتَّحريش بين الدول العربيَّة بعضها بعضًا.
وأسوأ ما في الأمر ثُلَّة الأغبياء الذين يتفاعلون مع تلك الحسابات الوهميَّة -اعتراضًا أو تأييدًا- خاصَّةً مَن يرد من أبناء المسلمين والعرب بالهجوم المُضادِّ، وبالتالي التعدِّي على الغير ظانًّا من نفسه أنَّه يقوم بالواجب بالردِّ على صاحب الفتنة الذي نال من بلده ودولته، وهكذا تتسعَّر الحرب الكلاميَّة المرسلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتشتعل النفوس، وتتعادى القلوب بين العرب -دولًا وشعوبًا- ويحصل ما ينشده العدو الإسرائيلي من غرض الفرقة والتَّباعد، وقليل مَن يضبط أعصابه ليتحرَّى الدقَّة، ويتحقق عن ذلك بمعرفة: هل الحساب وهميٌّ أم حقيقيٌّ؟
وأعجبني البعض من المتابعين في وسائل التَّواصل الاجتماعي اليقظين، حيث إنَّهم اكتشفوا ذلك الزَّيف، وتأكَّد لهم أنَّها حسابات وهميَّة، ففضحوهم، ونشروا خبرهم، ووصفوا حالهم، وهذا ما ينبغي عليه الجميع أن يكون، وطبيعي جدًّا أنْ يكون في وضع ما عليه غزَّة اليوم من حربٍّ شاملة للأنفس والبنية التحتيَّة والثمرات، وتدمير كلِّ ما له علاقة بالحياة أن يكون هناك ملاقيف ليس همَّهم إلَّا النَّيل من الأوطان العربيَّة والإسلاميَّة، وصناعة العداوات، والبحث عن المشكلات خاصَّةً من بعض المنتمين للأحزاب، أو آخرين منهم لمَّا يلحقوا بهم في التبعيَّة، لكنَّهم يهدفون إلى شقِّ الصفِّ العربيِّ، ويبتغون الفتنة، وهناك مَن هُم يعيشون في أمريكا وأوروبا، ويجعجعُون ويشتمُون كلَّ مَن استطاع أن يقدِّم لغزَّة ما منحه الله من استطاعة، سواء كان سياسيًّا، أو لوجستيًّا، أو دعمًا ماليًّا ومعنويًّا أكبر ممَّا يقدِّمه هؤلاء المُجعْجِعُون.
إنَّ الرزة في حرب غزة مطلوبة، والرزة تعني الثقل والتثبت، والحكمة، والأداء الإيجابي، وممارسة العطاء المثمر، وصناعة الثبات الذي يفيض بالإنسان إلى الأجر، بعيداً عن حظوظ النفس، واتهام الآخرين، والانسياق خلف حسابات وتحريضات وهمية، ضررها من معالم الخذلان لغزة، وأهل غزة.
إنَّ النموذج الإيجابي في ذلك العطاء، ما أعلن عنه خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين بالمساعدة لأهل غزَّة عبر منصَّة «ساهم» لإغاثة الشَّعب الفلسطيني في قطاع غزَّة التابعة لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانيَّة، وكذا التوجيه بالدُّعاء لهم، والدُّعاء من نسائم الحضور القلبي والشعور الأخوي، وهو سهام تُضاف إلى «ساهم» المنصَّة، وستبقى غزَّة وأهلها -بإذن الله- وسينتهي الاحتلال إلى غير رجعة. «وَسَيعَلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ».