مبادرةُ (طيبة بلا مدارس مستأجرَة) انطلقتْ عام 1439م بنسبة 46%، والتي خطَّط لها صاحبُ السموِّ الملكيِّ الأمير فيصل بن سلمان أمير منطقة المدينة المنوَّرة -حفظه الله- لتنطلقَ هذه المبادرة بعزيمةٍ قويةٍ وإرادةٍ حقيقيَّةٍ؛ لتتحقِّق نتائجها اليوم في عام 2023؛ لتصل نسبة المباني المستأجرَة 8% فقط. حيث تمَّ تدشين 35 مشروعًا تعليميًّا جديدًا ليتم التخلُّص من 51 مبنى مستأجَرًا، هذه المبادرةُ لها خطٌّ زمنيٌّ ستنتهي كليًّا عام 1445هـ لتستكمل مسيرتها للمحافظات والضواحي في منطقة المدينة المنوَّرة في نهاية عام 1447هـ، بعزيمةٍ قويةٍ، وإيمانٍ عميقٍ بأهميَّة رفع نسبة المباني التعليميَّة الحكوميَّة، والاستغناء عن كافَّة المباني المستأجَرة لأهميَّة توفير البيئات التعليميَّة الجاذبة لجيل المستقبل، ولترفع المدينة شعار التَّعليم أوَّلًا لأهميَّته في صناعة المستقبل للوطن بإعداد جيل مهيَّأ ومتسلِّح بالعلم وأدواته لبناء الحضارةِ السعوديَّةِ المتميِّزة في عطائها ومخرجاتها التعليميَّة.
وكان معالي وزير التَّعليم يوسف البنيان حاضرًا وشاهدًا ومباركًا لهذه المبادرةِ، والتي تحقِّق أهدافها كاملةً، وتسير بمعدَّلات نجاح موثَّقة بلغة الأرقام، ففي عام 2022م تمَّ تدشين 17 مشروعًا تعليميًّا، هذا الدَّعمُ القويُّ من قِبل سموِّ أمير المنطقة يستحقُّ التقدير والشكر والثَّناء والإشادة، ويؤكِّد على الاهتمام الكبير، وبأنَّ توجيهات سموِّه تؤتي ثمارها بمنجزات مشهودة نعيشها نحن أهل المدينة النبويَّة -على ساكنها أفضلُ الصَّلاةِ وأتمُّ التَّسليمِ- وأكَّد معالي الوزير -في كلمته التي ألقاها عند تدشين المباني التعليميَّة- أنَّ المدينة المنوَّرة تشهدُ نقلةً نوعيَّةً تعليميَّةً رائدةً في عدد مبانيها الحكوميَّة، ونحن بانتظار الاحتفال بتحقُّق المنجز، ومستهدفات المبادرة في عام 1445هـ.
من تجربة واقعيَّة عشتُها -وأعيشُها- في التَّعليم أؤكِّدُ على أنَّ المخرجات التعليميَّة تتأثَّر كثيرًا بجودة الخدمات التعليميَّة، وتوفير البيئات التعليميَّة الجاذبة المحفِّزة، عملتُ في قرى منطقة المدينة المنوَّرة في مبانٍ مستأجَرةٍ، وفي داخل المدينة المنوَّرة، ثم انتقلتُ لمدارس المنطقة الشرقيَّة في محافظة صفوى، وأيضًا في مدارس مستأجَرة، ثمَّ زرتُ مدارس أرامكو في القطيف، بُهِرتُ بمَا شاهدتُ من بيئة تعليميَّة مختلفة، وتمنَّيتُ -يومها وأنا في بداية مشواري التعليمي كمعلِّمة- أنْ أحظى يومًا بمثل هذه البيئة المثاليَّة، ومن ثَمَّ انتقلتُ لمحافظة ينبع؛ لأستكمل مشواري التعليمي أيضًا في مدارس مستأجَرة تعاني الكثير من المشكلات، وعدم توفُّر متطلَّبات البيئة الجاذبة التي نحلم بها، ثُمَّ كُلِّفتُ بإدارة المدارس الرائدة في تعليم البنات بينبع، وحظيتُ بزيارة المدارس الرَّائدة في مدارس البنين بالمدينة المنوَّرة بمعيَّة فريق العمل النسائي في ينبع، ونقلنا تجربةً مميَّزةً، ودعمًا قويًّا من رجال المدينة وإدارة التعليم بالمنطقة؛ لتكون لدينا بينبع محاكاةٌ لتلك المدارس، وفعلًا تحقَّق لنا ما تمنينَاهُ، وكان لدينا بينبع أوَّلُ مدرسة رائدة للتَّعليم الثانويِّ على مستوى المملكة -الثانويَّة الثَّانية بينبع الصناعيَّة- والتي استطاعت أنْ تحقِّق معايير التميُّز في الأداء، والحصول على جوائز تميُّز محليَّة وإقليميَّة، ولتكون المدرسة بإدارتها ومعلِّماتها وطالباتها في منصَّات التتويج التي تُسجَّل في سجلات الوطن، وذلك منجزٌ حقيقيٌّ موثَّقٌ بالأرقام، ومن ثَمَّ تكون هذه المدرسة نبراسًا يُحتذى به بين جميع مدارس المحافظة خلال مسيرتي المهنيَّة الإشرافيَّة على مدار 23 عامًا كان هذا المنجزُ مصدرَ اعتزازٍ وفخرٍ أسجِّلُهُ لوطني، وفي ملفي المهني بكلِّ معاني الانتماء للعلم والتَّعليم.
وقدَّرَ اللهُ في العام الماضي لألتحق بمدارس الهيئة الملكيَّة بينبع الصناعيَّة؛ لتكون -بمشيئة الله- خاتمةَ عملي المهني فيها، والتي تتميَّز بجودة مبانيها، وتوفير بيئات تعليميَّة متميِّزة على مستوى المملكة، بل أصبحت -اليوم- باعتراف اليونسكو مدينة تعلُّم ذكيَّة بمعايير عالميَّة، فالنتائجُ المتميِّزةُ التي يحقِّقُها المعلِّمُونَ والطلابُ المبدعُونَ والموهوبُونَ والمبتكرُونَ في كلِّ مناطق المملكة هم خريجو مدارس متميِّزة في كوادرها البشريَّة والإداريَّة والقياديّة، ويحظون بتوفير بيئات تعليميَّة مكتملة المرافق والخدمات، وستكون مدارس الهيئة الملكيَّة بالجبيل وينبع أنموذجًا للتميُّز لمحاكاته في كلِّ المدارس بالمملكة لتحقيق هذه المعايير.
سنشهدُ معاً في مقتبل الأيام تحسناً في الأداء، وجودةً في المخرجات باكتمال العناصر المحققة للجودة والتميز بمعايير عالية تليق بالوطن، ومن يعيشُ على ثراه، في ظلِّ قيادةٍ حكيمةٍ تولي شأنَ الإنسانِ اهتماماً خاصاً، وتؤمن بأنَّ التعليم هو بوابةُ النجاح، ولتحقيق أحلام الحالمين والمبدعين والمؤمنين بأهمية العلم والتعليم.