الصندوقُ والبنكُ، كلاهما يهدفُ إلى الادِّخار لمعالجة الحالات التي تساعدُ الفردَ على الاستفادة منهما وقت الحاجة، وكلاهما يُصنَّف ضمن الإحساس بالمسؤوليَّة، والإخلاص في أداء العمل، مع إدارةٍ جادةٍ وحريصةٍ على النَّاس والمجتمع.
الفقرُ، ظاهرةٌ لصيقةٌ بالمجتمعات الإسلاميَّة بكل أسف، ولا تخلو بقيَّة المجتمعات في بقيَّة الكوكب من ذلك.
هناك أمثلةٌ عديدة على مستوى الأفراد في العالم، ممَّن يساهمُون من خلال الصناديق الوقفيَّة في محاربة الفقر، وكذلك من خلال المؤسَّسات الكُبْرَى، ويأتي البنكُ الإسلاميُّ للتنمية في طليعتها. وهناك صندوقُ العيش والمعيشة «إل إل إف»؛ الذي رصد 1.68 مليار دولار للمساهمة في جهود القضاء على الجوع، والحدِّ من الفقرِ والمرضِ، وقد كان لهذا الصندوق أثرُهُ الملموس في برنامج شَلَل الأطفال في باكستان، حيث لوحظ الانخفاض الحادُّ في عدد الحالات، بعد أنْ تمَّ تطعيم 40 مليون طفل. وفي السنغال ساهم مشروع القضاء على الملاريا في انخفاضٍ ملحوظٍ في حالات الإصابة بالملاريا والوفيَّات فيها.
وقد أعلنت مؤسَّسةُ (بيل جيتس) مساهمتها في صندوق العيش والمعيشة، من خلال تمويل 20% من إجمالي تعهُّدات المانحين بما يصل إلى 100 مليون دولار، فيما خَصَّص صندوقُ التَّضامن الإسلامي للتنمية 150 مليون دولار لدفع عجلة النموِّ الاقتصاديِّ في 32 دولةً عضوًا في البنك الإسلامي للتَّنمية.
وساهمت المملكةُ في دعم الدُّول الأشدِّ فقرًا على المستوى العالميِّ. والحديث في هذا الجانب قد يطولُ، إلَّا أنَّ ما استوقفني هو بنكُ الوقت السويسري، وقصَّة المرأة التي أودعت لنفسها وقتًا في بنك توفير الوقت، فهي تُودع من جهدها المبكِّر في خدمة كبار السِّنِّ، حتَّى تستطيع الصرف منه عندما تحتاج له بعد تقدُّم السنِّ، أو عندما تُصاب بحادثٍ.
وممَّا يلزم الإشارة إليه، أنَّ الحكومة السويسريَّة أنشأت ذلك البنك كضمانٍ اجتماعيٍّ للناس، بحيث يُحسب له الوقت الذي يمضيه في الخدمة الاجتماعيَّة، خصوصًا المسنِّين والمرضى الذين لا يوجد لهم مَن يرعاهم، وبالتَّالي فعندما يحتاجُ المرءُ الذي أودعَ خدماته في البنك إلى مساعدةٍ، يرسل له البنكُ شخصًا متطوِّعًا ممَّن اشتركوا في البنك ليخدمه، ويخصم الوقت من حسابه، وتشمل هذه الخدمات ما يقدَّم له أثناء وجوده في المستشفى أو في البيت، أو عندما يحتاجُ للتَّسوق، أو للتنزُّه، أو حتَّى في تنظيف داره.
يا له من عملٍ إنسانيٍّ راقٍ، وهناك شواهدُ عديدة في ديننا تحثُّ على هذا العمل النبيل، يصعب ذكرها في هذه العجالة. وَاللهُ يقول: «إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا».