أقرَّت ميزانيَّة المملكة لعام 2024م، في جلسة مجلس الوزراء التي رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- حيث تحقِّق السعوديَّة أعلى إنفاقٍ حكوميٍّ في 2023م، وترتفع معه معدلات النموِّ المُستدام، والفرص التنمويَّة الكُبْرى.. وهاهي الحكومة تعلن استمرارَ العمل من أجل الإصلاحات الهيكليَّة الماليَّة والاقتصاديَّة، وتعلن استحداث 25 ألفَ وظيفةٍ في الاقتصاد الرقميِّ ممثَّلًا في الذَّكاءِ الاصطناعيِّ كأحد أهمِّ روافده المهمَّة للبشريَّة في المستقبل.
ميزانيَّة العام الجديد تركِّز على النموِّ الاقتصاديِّ، وجودة الخدمات، وجذب الاستثمارات، وبقراءة متأنِّيةٍ واستشرافيَّةٍ للمستقبل نتوقَّف عند تصريح سموِّ ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، الذي تضمَّن عدَّة مرتكزات مهمَّة تؤكِّد على الدَّور القياديِّ والحيويِّ للمملكة إقليميًّا ودوليًّا، ونستشعر فعليًّا السَّعي الحثيث للقيادة بأنْ تنعم دول العالم بالأمن والاستقرار؛ لكونهما العاملَين الرئيسَين للتَّنمية والازدهار، وحرصها على تطوير واستقرار سلاسل الإمداد والقيمة بما يخدم التَّنمية والازدهار الاقتصاديِّ لجميع دول العالم، مؤكِّدًا -رعاه الله- على استمراريَّة المملكة خلال العام المقبل في زيادة جاذبيَّة اقتصاد المملكة كقاعدة للاستثمارات المحليَّة والأجنبيَّة وتنوُّع الاقتصاد عبر تطوير جميع القطاعات الاقتصاديَّة.
رؤية 2030 مكَّنت المملكة من تبوؤ مكانة قوية، وأتاحت الفرص التنمويَّة الكبيرة؛ ممَّا تجعلنا نمضي قُدمًا نحو مستقبل أفضل يليق بمكانة المملكة اليوم، وفق توجيهات خادم الحرمين الشريفين، وبمتابعة حثيثة من عرَّاب الرُّؤية سمو ولي العهد، وانعكس ذلك بصورة واضحة جليَّة في نمو النَّاتج المحليِّ للأنشطة غير النفطيَّة، وولي العهد يؤكِّد على التزام الحكومة في الميزانيَّة بتعزيز النمو الاقتصاديِّ وبتوسُّع الإنفاق الحكوميِّ، وتطوير القطاعات الاقتصاديَّة الواعدة، وتعزيز الاستثمارات، ورفع المحتوى المحليِّ والصادرات غير النفطيَّة، وكذلك تطوير وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص بتمكينه وتحفيزه، ولاستيعاب المزيد من القوى العاملة السعوديَّة.
لغة الأرقام ترصد قوة الاقتصاد السعودي، والذي أصبح محط الاهتمام العالمي؛ نظراً للأداء الحكومي المتميز من خلال الاستمرارية في تطوير أداء المالية العامة للمملكة، وزيادة القدرة المالية، وبناء الاحتياطات الحكومية بما يعزز قدرة اقتصاد الدولة ويحافظ على مستويات مستدامة من الدين العام، وبما يمكن من مواجهة أيِّ تطورات أو أزمات قد تطرأ مستقبلا.
الإشادة الدوليَّة والعالميَّة بما حقَّقته المملكة من تسارع في تحقيق المنجزات النوعيَّة على كافَّة الأصعدة، وفي كلِّ المجالات يُعدُّ مؤشرًا حقيقيًّا على الفكر الإستراتيجيِّ لقيادة الوطن التي تفكِّر للمستقبل بخطط علميَّة ومنهجيَّة واضحة، وبشفافيَّة ومحاسبيَّة عالية تُحقِّق معايير الجودة والتميُّز في الأداء الحكوميِّ، وفي تحدٍّ حقيقيٍّ مع الزَّمن حقَّقت المملكة مؤخَّرًا تطورًا ملحوظًا في قطاعَي السِّياحة والرِّياضة، من أجل رفع مستهدفات السِّياحة إلى 150 مليون زائر داخليًّا وخارجيًّا بحلول 2030، إضافة إلى بناء قطاع رياضيٍّ فعَّال من خلال مشروع الاستثمار والتَّخصيص للأندية الرِّياضيَّة؛ تحقيقًا لمستهدفات رؤية 2030 في القطاع الرياضيِّ، وها نحن نعيش -اليوم- هذا الشَّغف الرياضيَّ والمتابعة العالميَّة لدوري روشن، وارتفاع حدَّة المنافسة، واستقطاب الرموز الرياضيَّة؛ ليكون الدوري السعوديُّ منافسًا عالميًّا وليس إقليميًّا فقط.
ونحن على موعد مع تطوير القطاع الصناعيِّ؛ لأنَّه يمثِّل أحد أهم القطاعات الحيويَّة في الاقتصاد السعوديِّ، من خلال تنويع القاعدة الصناعيَّة، وسلاسل القيمة عبر الإستراتيجيَّة الوطنيَّة للصناعة التي تركِّز على 12 قطاعًا فرعيًّا لتنويع الاقتصاد الوطنيِّ، ورفع النَّاتج المحليِّ الصناعيِّ نحو ثلاثة أضعاف، مقارنةً بعام 2020 ليصل إلى 895 مليار ريال في 2030؛ ليكون مساهمًا رئيسًا في قيمة الصادرات غير النفطيَّة تكاملًا مع الدور المهم لصندوق الاستثمارات العامَّة الذراع الاستثماري المساهمة والمكمِّلة للجهود التي تقوم بها الحكومة في تنوُّع الاقتصاد الوطنيِّ.
ميزانيَّة تريليونيَّة للعام الثَّالث على التَّوالي، تؤكِّد على قوَّة ومتانة الاقتصاد السعوديِّ، نستشرف بها المستقبلَ المشرقَ للوطنِ.