Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. عادل خميس الزهراني

نيوكاسل.. وما يحدث في نيوكاسل!!

A A
أمر ما يحدث في نيوكاسل، أمر عظيم يحدث هناك.. له علاقة بنا، نحن السعوديين، له علاقة عظيمة، ومذهلة.

هكذا وجدت نفسي في قلب نيوكاسل؛ في قلبها تماماً، قلبها النابض، ملعبُ سانت جيمس بارك.. بين أكثر من خمسين ألفَ مشجعٍ متعصِّبٍ لنيوكاسل المدينة، ونيوكاسل الفريق. «المرَّة المقبلة فلتكن غترتُكَ باللَّونِ الأسودِ والأبيضِ»، قالها لي بابتهاجٍ عجيبٍ في نهاية المباراة رجلٌ من نيوكاسل، واحتضنني. الإنجليزُ لا يفعلُون ذلك. لكنَّه فعلها!

كنتُ مع صديق قريب، قريب جدًّا، عبدالرحمن الفهد، عرفته من بريطانيا، وامتدَّت صداقتنا لبلاد الله في مختلف الأصقاع. يخطِّطُ هو، وأنا أوافقُ. حصلنا على تذاكر لمباراة نيوكاسل ضدَّ تشيلسي. وهناك، في معقل نادي الشمال الإنجليزيِّ الشهير، أدركتُ حجم الخطوة التي قامت بها المملكة، ممثَّلةً في صندوق الاستثمارات العامَّة، بشراء النَّادي.

قرَّرتُ -دون تفكير- أنْ أحضرَ المباراة بالزيِّ السعوديِّ الرسميِّ: ثوب، وشماغ أحمر، وتحتهما طبقات من الصُّوف، تقيني صقيعَ بريطانيا. وبمجرَّد وصولي للملعب، حتَّى أصبحتُ محطَّ أنظار الآلافِ من مشجِّعي نيوكاسل.. كانت النَّظراتُ مليئةً بالسَّعادة والتَّقدير والامتنان.. نعم الامتنانُ الجارفُ لما يمثِّله زيِّي السعوديُّ.

لقد فتح لهم هذا الاستحواذ باباً للنجاح الاقتصاديِّ والرياضيِّ لم يكونوا ليحلموا به.. (فكروا في البطولات، والدخل المادي الذي ستجلبه للمدينة، فكروا في الكم الهائل من الوظائف التي ستولد، في حركة السياحة التي ستتضاعف.. فكروا في كل شيء آخر...). وكما حدث مع مانشستر سيتي، فينتظر أنْ تقفز نيوكاسل قفزةً عظيمةً للأمام.. جماهيرُ نيوكاسل معروفةٌ بشغفها بكرة القدم، وجنونها في الوقوفِ خلفَ فريقِ مدينتها الأثير. نيوكاسل بالنِّسبة لأهل نيوكاسل عقيدةٌ تتوارثها الأجيالُ، وإرث الآباء للأبناء.

في الملعب عشتُ عمليًّا أثر الخطوة، أنا الذي عشتُ بين الإنجليز سنواتٍ طويلةً، أعلمُ أنَّهم -من باب احترام الخصوصيَّة- حريصُونَ جدًّا على إبقاء المسافة مع الآخرين، وجدتُ نفسي مركزًا لاهتمامٍ جماعيٍّ، يوقفني النَّاس للتَّصوير في كلِّ مكان، يهديني بعضُهم شالاتِ الفريقِ أو أعلامَهُ، أو برنامج المباراة، يهشُّ النَّاسُ في وجهي ويبشُّون، نظراتُ الامتنان والسَّعادة والشُّكر تقفز من وجوههم. والأحضانُ، الأحضانُ التي كانت تتلقَّفني مع كلِّ هدفٍ لنيوكاسل، أو هجمة ضائعة. لم يسألني أحدٌ عن اسمي، أو صفتي، كنتُ بالنِّسبة لهم رمزًا للمملكة العربيَّة السعوديَّة، هذه الدَّولة التي جاءت لتبُثَّ الحياة في فريقهم ومدينتهم، وهذا كان يكفي ليصبحوا شاكرِينَ ممتنِينَ. اقتربتْ منِّي سيدةٌ أنيقةٌ ولطيفةٌ لتهمس في أُذني: «You look fabulous»، «تبدو رائعًا»!.

هذا لمَن يعرف البريطانيِّين لا يحدث كلَّ يوم. لكنْ مثله وأكثر حدث في ملعب نيوكاسل. تحوَّلت ببساطةٍ إلى حالة في ملعب سانت جيمس بارك. فاز نيوكاسل على تشيلسي يومها بالأربعة، وهو ما جعل الأجواء داخل الملعب وخارجه بعد المباراة جنونيَّةً. كان النَّاسُ سعداءَ بي، وبناديهم. كانوا يتفاعلُونَ معي بكلِّ الطُّرق، وهم يشاهدُونَ حماستِي مع كلِّ هجمةٍ، أو قفزاتِي مع كلِّ هدفٍ للأبيض والأسود. ولوهلةٍ، نسيتُ، أو لعلَّي تناسيتُ، أنَّي أشجِّعُ تشيلسي. غفرانك يا رب!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store