الحروب بين البشر ممتدَّة منذ خلقهم الله، كما في قوله تعالى: «وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ».
فمن سنن اللهِ في خلقه أنَّه جعل فيها فاسدًا وسافكًا للدماء، وغلَّبه لفئة على فئة؛ لإيجاد التوازن والعدل بينهم، وقمع الظالم، ونصر المظلوم، من خلال تداول الأيام بين الناس، فكلُّ ظالم ومتجبِّر وسافك للدماء دمَّره الله، ولو بعد حين. وهذا ما أكَّدته لنا سير الحروب التي نشأت عبر العصور، ولعلَّ أقرب الأمثلة وأبرزها على ذلك هو بعد نهاية الحرب العالميَّة الثَّانية، وقيام الأمم المتَّحدة عام 1945م، حينما قامت الدُّول المنتصرة في تلك الحرب، بمنح خمسة من أعضاء مجلس الأمن الدولي التابع لهيئة الأمم المتَّحدة حقَّ النَّقض (فيتو)، أي حق نقض أيِّ قرار يصدره هذا المجلس، وكانت الدول المعنيَّة بذلك هي: الولايات المتَّحدة، والاتحاد السوفييتي، وبريطانيا، وفرنسا، والصين.
ومنذ تلك اللحظة، وتلك الدول تعبث بكلِّ القرارات التي يصدرها مجلس الأمن، الذي يفترض أنْ يقوم بدوره المناط به، ويقوم على تحقيق العدالة بين الشعوب دون تمييز، كما يفترض أنْ يحقق الديمقراطية التي ينادي بها، وتنادي بها الدول الخمس صاحبة ذلك الحق الباطل، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، التي تقف على رأس هذا العبث الذي امتد 75 عاماً يتنافى فيه كل ما له علاقة بالعدل المنادى به.
والآن حان الوقتُ أنْ تقف بقيَّة دول العالم ضدَّ هذا الحق الممنوح ظُلمًا وعدوانًا، بعد أنْ ضاعت الكثير من الحقوق تحت مظلَّته الظَّالمة.. والله من وراء القصد.