قضيَّة حسَّاسة نشهد تطبيقها بصورةٍ كبيرةٍ على كافَّة المستويات، وفي كافَّة القطاعات بالمملكة، يُضاف لها الميكنة، للقضاء على الرُّوتين، وتسريع أداء الأجهزة الحكوميَّة، وتطبيق الأنظمة بصورةٍ لا تسمحُ بنشأة الفساد.
ولكنْ في بعض الأحيان تُقيِّد الأمر الواسع، وتحدُّ من الحركةِ، وتُضيِّق على المواطن الأعمال القادرةِ على التحرُّك.
الحديثُ عن وضع القيود، والحدِّ من الحركة، مرَّت على معظم دُول العالم الأوَّل في فتراتٍ شهدنا فيها زيادة حجم الأنظمة المُقيِّدة والمحدِّدة للحركة، سواء في القطاع الماليِّ، أو المواصلات، وخاصَّةً الطَّيران، وتلتها فترة تمَّ تحريرُ القطاعات من كثيرٍ من الأنظمة المُحدِّدة للحركة. والقضيَّة بصورةٍ عامَّةٍ تتمحور حول بناء النِّظام، بحيث يكون مرنًا، ويُساعد في تحرير القطاع، وعدم الحدِّ من حركته، بحيث لا تكون هناك حرية مطلقة ولا مُقيَّدَة بصورةٍ واضحةٍ، فالمرونة للقطاعات في ظلِّ بناء الأنظمة؛ أمرٌ مهمٌّ وحيويٌّ؛ ليُساعد الاقتصاد والقطاعات على الحركة والإنتاج والتوسُّع والمنافسة.
في حين لو كانَ هناك جمودٌ سيؤدِّي إلى تقييد حركة القطاعات، والحدِّ من الإنتاج والتوسُّع، بل سيؤدِّي إلى الاحتكار.
حاليًّا نمرُّ بمرحلة بناء الأنظمة المؤتمتة في مختلف القطاعات، وحققنا فيها النَّجاح، وخاصَّةً لاقتصادٍ ناشئٍ، ولكنْ مع مرور الوقت افتقدنا بعض المرونة في التَّطبيق، وتفهُّم الواقع، وبالتَّالي كان ينبغي أنْ يتم مراجعة النِّظام، وتحوير النُّظم الآليَّة لتتماشى مع الواقع. وتُعتبر عمليَّة المراجعة أو ما يُسمَّى بالمعايرة «Fine Tuning» من أهمِّ الخطوات في تطوير وتحديث الأنظمة، حيث تُعطي لها المرونة المطلوبة لتحرير القطاعات اقتصاديًّا وتنافسيًّا. وتُعدُّ عمليَّة المعايرة من حيث الأهميَّة موازيةً لعمليَّةِ بناءِ وإنشاءِ النُّظم، بل وتتعدَّاها في الأهميَّة؛ لأنَّها تُساعد على ثباتها، وإتاحة الفرصة أمام تخفيف القيود للقطاع الاقتصادي، حتَّى يُحقِّق أعلى نموٍّ وإنتاجيَّةٍ. ونحن لا نزال في المرحلة الأولى، حيث بنت الدَّولة -رعاها الله- الأنظمة لتشمل كافَّة القطاعات، وحقَّقت قفزاتٍ إيجابيَّةً رفعت من مكانة السعوديَّة في مصافِّ دُول العالم، وحقَّقت سرعةً في الاستجابة، وتحسين الأداء، وسهَّلت على المواطن القيام بمختلف الأنشطة. لذلك ومن خلال ما تُحقِّقه رؤية ٢٠٣٠، نأمل أنْ نرى عمليَّة المعايرة تتم بصورةٍ متزايدةٍ، حتَّى نقفز إلى خطوات أبعد، ونُحسِّن البيئة الاقتصاديَّة.