* (مواقع التَّواصل الاجتماعيِّ منحت حقَّ التَّعبير لجحافل من الأغبياء؛ ما كانوا يتحدَّثُون سابقًا إلَّا في الحانات، بعد احتساء الكحول، من دون إلحاق أيِّ ضرر بالمجتمع، كان هؤلاء يُرغَمُون على الصَّمت فورًا، في حين بات لهم اليوم الحقُّ في التَّعبير كشخصٍ حاز على جائزة نوبل.. إنَّه غزو الأغبياء...)، هذا ما أكَّده الرِّوائي والفيلسوف الإيطاليُّ أمبرتو إيكو قبل أيام من وفاته؛ في حوار بثَّته صحيفة (إيل ميساجيرو الإيطاليَّة)، وأنا أنقله عن الأستاذ ميرزا الخويلدي عبر نافذته في صحيفة (الشرق الأوسط).
*****
* كلُّ ما سبق كان عام 2016م وما قبله، ولكنَّه جاء مستشرفًا للمستقبل، حيث أصبح مشاهير مواقع التَّواصل يُسيطرُون على السَّاحة المجتمعيَّة، وقادرُون على التَّأثير بها، قلَّة منهم قدَّموا الإيجابيَّة، ولكن غالبيتهم -للأسف الشديد- زرعُوا السلبيَّة، وهذا واقع تعيشه المجتمعات العالميَّة كلها.
*****
* مجتمعنا السعوديُّ ليس بمنأى عمَّا يجري في العالم، (فبعض مشاهير مواقع تواصله)؛ يصنعُونَ محتويات ثريَّة ورائعة؛ فلهم كلُّ التَّقدير والاحترام؛ ولكنَّ صوتهم خافت، وراياتهم لا تبدو واضحةً، في ظلِّ هيمنة (أولئك السَّاقطين) في سلوكيَّاتهم، والتَّافهين في محتواهم وبثوثهم، فمنهم الذي ارتكب ممارسات فاحشة، مع الإسفاف والإيحاءات الخارجة، وساهم في نشرها، وهناك الذين عملوا على زرع الفتنة في شرايين المجتمع؛ من خلال السُّخرية من قبائل أو مناطق أو لهجات، إلى غير ذلك من أفعالٍ وأقوالٍ تجاوزت المعقولَ إلى المحذورِ، وهم بذلك يرسمُونَ صورًا سلبيَّة عن مجتمعنا، تمنح المتربِّصين بنا الفرصة للإساءة لنا، وقبل ذلك فأولئك قادرُونَ على الوصول للنَّاشئة والتَّأثير فيهم، خاصَّةً، وهناك مؤسسات وشركات تُروِّج لهم وبهم؛ بحثًا عن الملايين التي تتابعهم.
*****
* طبعاً هناك محاولات جادة من المؤسسات المعنية، كالنيابة العامة، وهيئة الإعلام المرئي والمسموع، لملاحقة أولئك العابثين، وهي جهود تذكر فتشكَر؛ وقبل أن نرجو توسيع دائرة جهود تلك المؤسسات والجهات، وتكثيف ملاحقتها لـ(تلك الزمرة الفاسدة)، فواجبنا كمجتمع تفعيل حملات تستثمر المنصات كافة للتحذير منهم، وكشف تجاوزاتهم أمام الرأي العام، والمهم والأهم إلغاء متابعتهم، حتى يفقدوا السلاح الذي يملكونه، وكذا مقاطعة منتجات الشركات والمصانع التي تدعمهم.
*****
* أخيرًا يقول الإمام الحسن البصري: (يا ابنَ آدم إنَّمَا أنتَ أيَّامٌ، فكلَّمَا ذَهَبَ يومٌ ذَهَبَ بَعْضُكَ،...).
ويقول الشَّاعر:
كلُّ يومٍ يمرُّ يأخذُ بَعضِي
يُورِثُ القلبَ حسرةً ثُمَّ يَْمضِي
فندائي العاجل والصَّادق لجميع الأصدقاء، تكفُون لنُخلِّص أوقاتنا من سجن مواقع التَّواصل الحديثة، ومطاردة مشاهيرها صباح مساء؛ فالثَّمن ضياع أوقاتنا، بينما هم بمتابعتنا لهم؛ تتورَّم حساباتهم البنكيَّة!!.