الكاتبة الإسلاميَّة القديرة الأستاذة «أمينة مصطفى الصاوي»، (1922م - 1988م)، من روَّاد كتابة الأعمال الدينيَّة المصريَّة، وواحدة من الأسماء اللامعة في التأليف التلفزيونيِّ، والدها الشيخ (مصطفى الصاوي) من علماء الأزهر، كان يُدرِّسها القرآن الكريم، ويُلقِّنها الخطابة، ويُحفِّظها القصائد، أول أعمالها الأدبيَّة كتاب: «آدم وحواء في القرآن الكريم».
لها رواية بعنوان: «مسلسلة الكعبة المشرَّفة»، غاية في الجمال، تدور أوشاجها حول الكعبة المشرَّفة، وتمتدُّ إرسائها من أركانها، وتتشابك حبالها من أستارها.
أستشهدُ ببعض ما جاء فيها:
وهل أجدرُ من الكعبة المشرَّفة بالحديث، أوَّل بيتٍ أُقيم للنَّاس، قبلة المسلمين، يتَّجهون إليها خمس مرَّات كلَّ يوم، أينما ذهبت بهم المذاهب، وحيث ما ألقت بهم المقادير.
فهي رمزُ إجماعهم على دينٍ واحدٍ، لا يدينون بغيره، وربٍ واحدٍ لا يدينون لغيرِه، سبحانه الأحد الصمد.
وهي مطاف حجيجهم، وركيزة اجتماعهم، إليها يسعى منهم الملايين في كل عام، يؤدُّون ركن الإسلام الخامس كلما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا، حولها (لبيك اللهم لبيك) تتصاعد من الملايين، فإذا ملايينهم إنسان واحد، وقلب واحد، هو قلب المؤمنين، اختلفت أوطانهم ومشاربهم، ولهجاتهم وألسنتهم وألوانهم، ولكنهم في (لبيك اللهم لبيك) أصبحوا كلهم ابن آدم. وكأنَّهم جسمٌ واحدٌ، لا فارق ثمَّة بين غنيٍّ وفقيرٍ، فكلُّهم فقراءُ إلى الله، ولا فارق ثمَّة بين حاكم ومحكوم، فالحاكم هنا هو الله، ولا فارق ثمَّة بين مالك وخفير، فهنا يُدركون أنَّ المُلْك كلَّه لله الواحد القهَّار.
المسلمُونَ جميعًا عند الكعبة؛ مسلمٌ واحدٌ، وجسمٌ واحدٌ، فلا يدلُّ عضوٌّ عن عضوٍ، ولا تشمخُ جارحةٌ عن جارحةٍ، فأعضاء الجسم الواحد كلُّها عزيزة على صاحبها، والعزَّة -هنا، وفي كلِّ مكان- لله.
حول حرمها الطَّاهر تخشعُ القلوب سعيدةً بخشوعها، وتنحني الأعناقُ عزيزةً في انحنائها، وتشيعُ في النَّفس السَّكينة الآمنة، فما الدنيا، وما ملذاتها، وما أوضارها وعنتها.
يزول هناك كلُّ شيءٍ، ولا يبقى إلَّا النَّفس المطمئنة الوادعة، أسلمت إلى الرَّحيم مقاديرها، واشرأبت آمالها إلى السَّماوات العُلا، فإذا الأرضُ كلُّها كومةً من تراب، أو لا تساوي. تغتسل هناك النُّفوس، فإنَّها وليدةُ يومها، نقيةٌ نقاء الإيمان، صافيةٌ صفاء النَّمير، طاهرةٌ طهر ماء السماء. «انتهى الاستشهاد».
اللهمَّ زدْ هذَا البيتَ تعظيمًا وتشريفًا.