في ذلك الزمن البعيد، ذلك الزمن الذي ما يزال يحضر في ذاكرتي، والتي باتت مخزناً ضخماً لكثير من الأشياء التي حدثت والتي لم تحدث، والطفولة قصص حياة يستحيل أن ينساها أحدنا، وكيف ننساها حين تأتي وهي في قمة الأناقة، وبالأمس كتب أستاذي الفاضل إبراهيم عبدالله مفتاح، مقالاً أنيقاً رقيقاً في مجلة اليمامة، عنونه بـ "ثمرة القرع"، تحدث فيه عن حكاياته مع أحد تلاميذه المشاكسين في المرحلة الابتدائية، يوم سرق ثمرة "القرع" من أحد منازل القرية في جزر فرسان، ولأن أستاذي لم يضع اسمي محبةً وحرصاً جميلاً منه على مشاعري، وهو ما أحاطني به وعشته معه منذ الصغر، حباً وتقديراً وتربيةً وأدباً وحرصاً من معلم ومثقف فخم مملوء بحب الوطن، هذا المعلم الذي كان بالفعل حريصاً على أن يُقدِّم لتلاميذه كل ما كان يمكنه وزيادة، وهذا من حسن حظي أنني تتلمذتُ على يد هذا المعلم الفاضل والشاعر العذب، والمؤرخ الكبير، الذي يحمل في أشجار ذاكرته تاريخ هذه الأرض التي علمتنا كيف نحبها، وكيف نعشقها..
سوف أضع المقال على منصة إكس، ليقرأ الناس كلهم قيمة المعلم وتأثيره على تلاميذه، ويرى القارئ قصة "ثمرة القرع"، وهي قصتي التي أعترف لكم أنني أنا الذي قمت بسرقتها بمعاونة أحد أصدقاء الطفولة، تلك القصة التي ما زلتُ أذكرها، وأتذكَّر كيف عشناها وصديقي قسوة وعقاباً مؤلماً بحق، القصة التي بت بعدها أكره أن أرى "القرع"، هذه الثمرة التي تذكرني بالعقاب الذي نلته أنا وصديقي، وهي بالفعل قصة سوداء سوداء..!!
(خاتمة الهمزة).. أستاذي الكريم إبراهيم مفتاح، منك تعلمت أنه ليس هناك "أنصاف خطايا"، والحقيقة أن ثمرة القرع كانت هي الخطيئة الأولى والأخيرة، تأخرت كثيراً في ردي على مقالك، فالعذر منك، وأنت الحب والأدب.. لك محبتي، وهي خاتمتي ودمتم.