لكي نجعل التفاصيل الخفية واضحة جلية

ربما لم يرد على البال أن التعليم سيشهد قفزات علمية وعملية متسارعة؛ تعويضاً عن الفترة التي قضاها تحت مظلةٍ حَرَمتْه النورَ على ما يربو عن 40 عاماً.

25 أبريل 2016م، كانت بداية الانطلاقة، وهو الموعد التاريخي للإعلان عن رؤية المملكة 2030، وما صحبه من تحوُّل غير مسبوق في عدة ميادين، كان من بينها التعليم، وفي مقدمتها الاقتصاد. ومن المعلوم أن التعليم الجيد يقدم اقتصاداً جيداً، والعكس ليس صحيحاً.

وانبثق عن هذه النهضة تحوُّل معرفي، وتجربة تم تطبيقها على الواقع في أعقاب قرار مجلس الوزراء بتاريخ 14 /2 /1440هـ؛ المتضمن الموافقة على تنظيم هيئة تقويم التعليم والتدريب، والهدف الذي تسعى إليه هو جودة التعليم، وتمكين هذه الجودة، وهو عمل وقائي واستباقي وله أدواته، وقياس رأي الطالب والمعلم والإداري، كلاً على حدة، وأمور أخرى قد يصعب حصرها في هذه العجالة، منها الأداء المدرسي، ومؤشرات الترتيب باعتبارها إحدى خدمات هيئة تقويم التعليم والتدريب؛ للمساهمة في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، وإشعال روح المنافسة حين التعرف على ترتيب المدارس، حسب متوسط درجات طلابها في الاختبارات المعيارية التي تنفذها الهيئة.

البعض - للأسف- لا يعرف ثمار جهود هيئة التقويم؛ إلّا في جانب رخصة المعلم، (الرخصة المهنية للوظائف التعليمية)، التي يتم من خلالها قياس مدى تحقق الحد الأدنى من المعايير؛ التي ينبغي توفرها في المتقدمين لمهنة التدريس، ومن هم على رأس العمل، بما تشمله من معارف وعلوم ومهارات، وهي بالفعل تُعدّ إحدى أكبر ثمار هيئة التقويم والتدريب، إلّا أن هيئة تقويم التعليم ذهبت إلى جوانب أخرى، حيث سعت إلى إظهار نتائج المدارس في اختبارات (نافس)؛ بهدف قياس وتحسين مستوى التحصيل العلمي لطلبة المدارس، وتحفيز التميز المدرسي والتنافس الإيجابي بين المدارس ومكاتب وإدارات التعليم.

وهناك أيضاً مقاييس الموهبة والإبداع للكشف على القدرات العقلية والمعرفية لدى الطلبة في عدد من المجالات المختلفة، كاللغة والرياضيات والعلوم وبعض جوانب الإبداع.

ولعل مما يثلج الصدر في مخرجات هيئة تقويم التعليم والتدريب؛ هو برنامج التهيئة والتدريب الذي يهدف إلى رفع نسبة الاستعداد النفسي والمعرفي لدى المختبرين قبل دخول الاختبار الفعلي.

وكان من الملفت في هذه المنظومة المتميزة من مخرجات الهيئة، هو إطلاق أول مقياس رقمي تفاعلي للذكاء عالمياً بإنجاز سعودي (ألف ياء)، حيث يتم تطبيق اختباراته الـ 47 التشويقية لقياس محصلة الذكاء، والتعرف على الموهوبين، وقياس الاستعداد المدرسي، ثم تشخيص الاضطرابات في: «الانتباه، التعلم، التوحد، اللغة، الذكاء، ووظائف المخ».

ولم يغب عن الهيئة تقويم مكانة المؤسسة التعليمية بين مؤسسات التعليم العالي المحلية، فجاء التصنيف السعودي لمؤسسات التعليم العالي (صقر) ليكشف عن نقاط القوة فيها، ويبين مجالات التطوير المحتملة، بهدف تعزيز الجودة في العملية التعليمية؛ وتحقيق التميز المؤسسي، ثم المواءمة مع سوق العمل وتحفيز الأبحاث والتطوير والابتكار.

بقي أن نعرف قياس مدى رضا الآخرين في مدارس التعليم العام عن هيئة التقويم والتدريب، والتذكير بأهمية تعريف المجتمع، لا سيما التعليمي، بالرسالة الوطنية التي يؤدونها في ظل التعاون المطلق الذي ازداد رسوخاً في السنوات الأخيرة مع وزارة التعليم.. وبالله التوفيق.