دائمًا نجدُ أنَّ كلمة «الظُّروف الصَّعبة» أو «السَّيئة»، تُستَخدم كمُبرِّر لمعظم حالات الفشل، أو عدم النجاح التي تقابلنا في الحياة. فإذا فشلنا في تحقيق هدفٍ ما في الحياة، فتلقائيًّا نُبرِّر هذا الفشل بالظُّروف الصَّعبة، والمشكلات التي تواجهنا.
كلُّنا -بشكلٍ أو بآخر- متآلفُون مع أدبيَّات التَّحفيز المعتادة، التي تتناولُ قصَّة الرَّئيس السَّادس عشر للولايات المتَّحدة الأمريكيَّة الملحميَّة «أبراهام لينكولن»، التي أهَّلته للوصول إلى هذا المنصب، بعد سلسلةٍ لا تتوقَّف من الفشل في حياته.
وكذلك قصَّة «توماس أديسون»، مخترع المصباح الكهربائيِّ، والذي تمكَّن من اختراعه بعد (999) محاولةً فاشلةً، وقصَّة مُطوِّر النظريَّة النسبيَّة الألماني «ألبرت أينشتاين»، الذي اتَّهمه الجميعُ بالغباءِ طوال حياته تقريبًا.
وهناك العشراتُ من الاقتباسات المُلهمة، التي تُقرِّر أنَّ الفشل هو أوَّل خطوة للنَّجاح، وأنَّ الفشل هو القاعدةُ الأولى التي ينبني عليها كلُّ إنجازات المرء في المراحل المقبلة.
إن النجاح في الحياة، وتحقيق إنجازات كبرى، أمر وارد جداً، ومن الممكن تحقيقه مهما كانت الظروف صعبة، الكل سيان، طالما توافرت الإرادة. بل إن البعض يستخدم هذه الظروف الصعبة والأزمات، كمنطلق للوصول إلى النجاح والشهرة والثروة.. وذلك ما أثبته الأمريكي «فارح غراي»، الذي حقق ثروة طائلة وهو في سن مبكرة.
كانت ظروفُهُ سيئةً جدًّا، وهو ما زال ابن (6) سنوات.. طفلٌ أسودُ، يعيشُ في حيٍّ فقيرٍ جدًّا، أمُّه مريضةٌ بالقلبِ، وتعيلُ أسرةً مكوَّنةً من (3) إخوة هو رابعهم.. تقريبًا لا يوجد منفذٌ للحياة الطبيعيَّة تحت هذه الظُّروف، لم يكن أمامه سوى أنْ يعمل عملًا متواضعًا في هذا السنِّ الصَّغير، فبدأ تجارة بيع كريمات للبشرة، مقابل دولار ونصف دولار، وقام بتوزيعها على الجيران وسكَّان المنطقة، حيث كان يقوم بشرائها بالجُملة، وبيعها بالتَّجزئة.
كان لبقًا للغاية، ويستطيع أنْ يقنعَ العملاءَ بالشِّراء بشكلٍ سريعٍ، بل وينال استحسانهم أيضًا من طريقته في التَّواصل. في عمر التَّاسعة، ومع انتقاله مع أسرته لمدينةٍ أُخْرَى (لاس فيجاس)، جاءت الفُرصةُ لـ «فارح غراي»، وذلك بالحديث عبر برنامجٍ إذاعيٍّ بشكلٍ لفتَ أنظار الجميع له، فتلقَّى عرضًا للعمل كمذيعٍ مساعد في برنامج يتابعه 12 مليونَ مستمعٍ.
بدأ في حصد الأموال، فقام باستثمارها في مشروع ناشئ لبيع الأطعمة في نيويورك، فحقَّق «المليون الأوَّل» وهو ابن (14) عامًا. في العام التَّالي، أسَّس شركةً لبيع بطاقات الهواتف، وأخرج برنامجًا إذاعيًّا للمراهقِينَ، واستثمر في مجلَّة، وأسَّس جمعيَّةً خيريَّةً باسمه، وقام بإنتاج برنامجٍ فكاهيٍّ.
وعندما أتمَّ الخامسة عشرة من عمرِهِ، حصل على منحةٍ دراسيَّةٍ، (كتعويضٍ عن السَّنوات التي أضاعها بعيدًا عن التَّعليم)، واستقبله الرَّئيسُ الأمريكيُّ بنفسِهِ مع وفدٍ من الكونجرس، ونال عضويَّة فخريَّة في العديد من المجالس التجاريَّة الأمريكيَّة. الظُّروف السَّيئة جعلته يبدأُ مبكِّرًا، ووصل إلى تحقيق كلَّ ما يتمناه من إنجازات وهو ابن (15) عامًا، على الرغم من الصُّعوبات التي واجهته خلال مسيرته العمليَّة.