.. عربيٌّ بسيطٌ جدًّا، ومتشظٍّ جدًّا، ومطحونٌ جدًّا جدًّا.. جلسَ على إحدى الزَّوايا، في أحد أزقَّةِ حارتِهِ القديمة، وراحَ يتأمَّل ما يجري حولَهُ من أحداثٍ...
*****
.. رسمَ على الأرضِ -بعودِ ثقابٍ- خطوطًا متشابكةً ومتداخلةً، لعلَّها تمثِّل حقيقةَ مأساتِهِ، وراحَ يفكِّرُ ويتأمَّلُ ويتساءلُ..!
*****
.. هذا الاحتشادُ العسكريُّ الضَّخمُ في البحرِ الأبيضِ المتوسَّطِ ما غايتُهُ؟
قطعًا ليسَ غزَّة وحدَهَا، يبدُو أنَّ الأمرَ أكبرُ من غزَّة، وأبعدُ من غزَّة!.
هل أُغري الغربُ بالمسرحيَّة الهزليَّة، والبياتِ الشتويِّ، فافتتنتْ «حماس» بطوفانِ الهلاكِ؟!
*****
.. وهل كلُّ هذه التَّحالفات في البحرِ الأحمرِ من أجلِ -فقط- حماية المِلاحة؟!
*****
.. وهل إشارةُ الوزيرِ بلينكن «إلى أنَّ هناك فرصةً كبيرةً لامتدادِ الحربِ في أنحاء الشَّرق الأوسط»، وسط كلِّ الصَّيحات بـ(تحجيم الصِّراع) ذات إيحاءٍ بمَا حدثَ بعدها من توتُّرات عسكريَّة ما بين إيران وباكستان؟!
*****
.. أسئلةٌ كثيرةٌ كانت تدورُ في فكر ذلك الإنسانِ العربيِّ البسيطِ، وهو يتأمَّلُ كلَّ ما يحدث، ويخلصُ فيها إلى إجاباتٍ ضبابيَّةٍ، لا تنفكُّ عن نظريَّةِ المؤامرةِ الكُبْرَى، وأنَّ معدَّ النَّصِّ ومخرجَ العملِ هو واحدٌ في كلِّ ما يجري من أحداث؟!
*****
.. ويذهبُ في تأمُّلاته بعيدًا من خلال محاولاته ربط الأحداث وتفسيراته لها، على أنَّها لنْ تكونَ بريئةً تمامًا، وواضحةً تمامًا، واحتماليَّة أنْ تكون هناك «حقائق خفيَّة» قد تستمدُّ خيوطَهَا من مخطَّط برنارد لويس في تفتيت المفتَّت، وتقسيم المقسَّم في البلدان العربيَّة والإسلاميَّة إلى طوائفَ عشائريَّةٍ ودينيَّةٍ!!
وما حواهُ ذلكَ المخططُ من تمهيدٍ صارخٍ فاضحٍ من أنَّ الحلَّ السَّليم للتَّعامل مع العربِ والمسلمِينَ هو إعادةُ احتلالِهِم واستعمارِهِم وتدير ثقافتهم الدينيَّة..!!
*****
.. هل هواجسُ هذا العربيِّ البسيطِ تأخذُه إلى تفسيراتٍ مجنِّحةٍ للأحداثِ؟ أمْ أنَّ هناك شيئًا من الحقيقةِ فيما يحدثُ؟!
*****
.. أيا كانت أبعاد التأملات، فإننا إذا ما وضعنا (مخطط برنارد لويس) قدمًا بحقائقه الخفية، واستذكرنا (سايس بيكو) بوقائعها المؤلمة -حين تقاسمونا في الغرف المظلمة، ونحن ياغافل لك الله- فإن ثمة بونا شاسعا على العرب أنْ يملأوه بأسئلتهم وإجاباتهم وتأملاتهم، وقبل ذلك بالوعي والاستيعاب..!!
*****
.. أخيرًا، أتدرُون أشد ما يُؤلم؟:
إنَّهم يخطِّطُون، ويتداعُونَ، ويكتبُونَ النُّصوصَ، ويخرجُونَ المشاهدَ، ونحن -مع الأسفِ- ننفِّذُ بحماقةٍ شديدةٍ جدًّا..!!