تحتلُّ المملكةُ المركز الـ20 عالميًّا في استيراد الزيوت، رغم إمكانيَّة إنتاجه محليًّا، بل والتَّصدير، حيث تستورد المملكةُ 1,21%، من واردات العالم من زيوت الطَّعام بقيمة تتخطَّى الـ335 مليونَ دولارٍ لعام 2019، وتأتي إندونيسيا في المركز الأوَّل من الدُّول المُصدِّرة للمملكة بنحو 176,200 مليون دولار سنويًّا، ثمَّ ماليزيا في المركز الثَّاني بنحو 52,681 مليونَ دولارٍ، ثمَّ الاتحاد الرُّوسي في المركز الثَّالث بنحو 43,082 مليونَ دولارٍ، فالولايات المتَّحدة الأمريكيَّة في المركز الرَّابع بنحو 32,739 مليونَ دولارٍ سنويًّا، وتأتي في المركز الخامس تركيا بقيمة 30,105 ملايين دولار من واردات زيوت الطَّعام بالمملكة، وفقًا لإحصائيَّة «مزيج للاستشارات الإداريَّة والتسويقيَّة» المنشورة في جريدة «الرِّياض».
زيوت الطَّعام صناعةٌ ضخمةٌ على المستوى العالميِّ، حيث تُقدَّر بـ104 مليارات دولار، ويبلغ نموُّ سوق زيت الطَّعام بنسبة 2% سنويًّا بنحو ملياري دولار سنويًّا، بينما يبلغ إجمالي استيراد العالم لزيوت الطَّعام بنحو 27,7 مليار دولار، وتُعدُّ إندونيسيا من أكبر منتجي الزيوت على مستوى العالم، حيث أنتجت 34 مليونَ طنٍّ من الزَّيت عام 2021، بقيمة تجاوزت الـ15 مليارَ دولارٍ، ومثَّل الزَّيتُ 15% من مجموع صادرات إندونيسيا العام الماضي، ويعتمد عليه 17 مليونَ شخصٍ من المزارعِين والعمَّال والمصنِّعين والتَّجار الإندونيسيِّين، ويُتوقَّع أنْ تُنتج إندونيسيا هذا العام 46.9 مليونَ طنٍّ متريٍّ من زيتِ النَّخيلِ الخام، وفقًا لما نُشر في موقع «الجزيرة».
صحيحٌ أنَّ هناك إمكانيَّةً لإنتاجِ زيتِ النَّخيل في المملكة، ولكنَّ الأمرَ ليسَ بهذه البساطةِ، فبالرغم من وجود ما يقربُ من 400 نوعٍ من النَّخيل في المملكة، بعدد 34 مليونَ نخلةٍ، أي لكلِّ مواطنٍ نخلةٌ تقريبًا، إلَّا أنَّ هذا النَّخيل المنتج للزيوت ليس متوفِّرًا في المملكة، رغم إمكانيَّة زراعته، وتلاؤمه مع المناخ السعوديِّ، ومردوده الاقتصاديِّ، فهو منتجٌ للزيوتِ بشكلٍ وفيرٍ بعد ثلاثة أعوامٍ فقط من زراعته، وهذه المدَّة ليست كبيرةً على الإطلاق، وإنتاجيَّته أعلى من زيت الذُّرة بأربعة أضعافٍ، ومن دوَّار الشَّمس بـ9 أضعاف إنتاجيَّة، من حيث وحدةِ المساحةِ، وهو كفيل بتحويل المملكة من بلد مستورد للزيوت، إلى بلد لديه اكتفاء ذاتي من هذه السلعة الهامة، ليس هذا فقط، بل والتصدير أيضاً، وعلى المدى الزمني المتوسط والطويل، قد نزاحم الدول الكبرى في هذا المجال، ولم لا؟ فالمملكة من أكبر الدول عالمياً في زراعة النخيل وإنتاج التمور، وتكرار التجربة مرة أخرى في نخيل الزيت ليس صعباً.
أهميَّةُ نخيلِ الزَّيت لا تتعلَّق فقط بأنَّه منتجٌ لزيوتِ الطَّعام التي تُعتبر من أهمِّ السِّلع الغذائيَّة الإستراتيجيَّة، بل إنَّه يدخلُ في العديدِ من الصِّناعات، فبحسب «NDR» الموقع الإلكترونيِّ للمركز الألمانيِّ لشؤونِ المستهلكين، فإنَّ 50% من المواد الغذائيَّة المصنَّعة تحتوي على زيتِ النَّخيل مثل الجبن، وصناعة الصَّابون، ومنتجات الشُّكولاتة، ليس هذا فقط، بلْ تدخلُ مخلَّفات ثمارِ نخيلِ الزَّيت في صناعةِ الأعلافِ؛ لما تحتويه من قيمةٍ غذائيَّةٍ مرتفعةٍ، وهذا يُساهم في تقليل فاتورةِ الاستيراد من الأعلافِ، ويُستخدم أيضًا في إنتاج مستحضراتِ التَّجميل، والوقودِ الحيويِّ؛ ممَّا يعني أنَّ التوسُّع في زراعةِ نخيلِ الزَّيت قد يكون نواةً لإنشاءِ العديد من الصِّناعات الغذائيَّة الهامَّة في البلاد.
وأخيرًا وليس آخرًا، هناك جهودٌ مبذولةٌ للعملِ على تنويعِ مصادرِ دخل البلاد، وزيادةِ النَّاتج القوميِّ، تقوم بها المملكةُ مؤخَّرًا بقيادةِ الملك سلمان، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- فهما لا يدَّخران جهدًا، من أجلِ الدَّفع بهذا البلدِ نحو مصافِّ الدُّول المتقدِّمة في كافَّة المجالاتِ.