يقول المثل الشعبي (يا غريب كن أديبًا) لمَن يمارس الإخلال بأنظمةِ وقوانين وعاداتِ وقيمِ البلدانِ غير بلده الأصلي، أي أنَّ عليه أنْ يحترم تلك الأنظمة والقوانين والعادات والتقاليد، ويلتزم بها أثناء وجوده بهذا البلد. ولا شكَّ بأنَّ ذلك يُعدُّ من القيم والسلوكات الإنسانيِّة الفاضلة، التي تُعدُّ شاملةً في تطبيقها وممارساتها عند كلِّ الشُّعوب بمختلف أطيافهم وشرائعهم ومذاهبهم؛ لذا نجدها مضمَّنة لدساتير وأنظمة كافَّة الدُّول، وهذا أيضًا ما حثَّ عليه ديننا الحنيف في تعاليمه، وما يتمثَّل به نبينا المصطفى -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- حين قال عن نفسه (إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِمَ مَكَارِمِ الأَخْلَاقِ) وما كان يتعامل به مع الغير.
وبما أنَّ بلادنا هي القدوة؛ كونها تعدُّ مهبطاً للوحي، ومنطلقاً للشريعة المحمدية، فإنها تحرص -كل الحرص- على وجوب أنْ يتمثل شعبها بتلك الأخلاق، واحترام أنظمة وقوانين كل الدول عند ذهابهم إليها.
وبما أنَّ بلادنا المقدَّسة تحتضن الملايين من سكَّان الدُّول الشَّقيقة والصَّديقة ممَّن حضر إليها لطلب الرِّزق، فإنَّ من المستوجب عليهم الالتزام بتلك الأنظمة والقوانين، لكنَّ اللَّافت للانتباه أنَّ بعض أفرادِ تلك البلدان عند وجودهم بهذا البلد الكريم، لا يحترمُون تلك الأنظمة، فنجدهم يحاولُون نشر الفوضى والبلبلة، وتأجيج الفتن، ونشر الرَّذيلة بمختلف صُورها، وهؤلاء -حتمًا- ستُطبَّق بحقِّهم أقصى العقوبات النظاميَّة؛ لأنَّ ما يمارسُونَه من أعمالٍ فاسدةٍ غير اخلاقيَّةٍ، يتعارضُ تمامًا مع الأنظمة والقوانين المحليَّة، ويخالفُون بذلك القيم والسلوكاتِ الفاضلةِ الإنسانيَّة، ومع تعاليم الشَّرايع السماويَّة، ويقيني أنَّ مَن يخالف تلك الأنظمة والقوانين مستقبلًا سيُعرِّض نفسَهُ للعقوبات المشدَّدة التي قد تصل إلى القِصاص إنْ اقتضى الأمرُ ذلك. لذا أقولُ (يا غريب كُنْ أديبًا)، واللهُ من وراء القصدِ.