Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. عبدالله صادق دحلان

عيدُ الحبِّ.. تخصيصٌ قاصرٌ

A A
بعدَ غدٍ سيكونُ عيد الحبِّ؛ في الرَّابع عشر من شهر فبراير، وهي مناسبةٌ سنويَّةٌ تحتفلُ بها العديدُ من الثَّقافاتِ حولَ العالمِ، وهو تقليدٌ قديمٌ له مئاتُ السِّنين، اقتبسَهُ بعضُ المسلمِينَ، وتمادَى في تعظيمِهِ البعضُ، وتحوَّل إلى ظاهرةٍ عالميَّةٍ لهَا أبعادٌ اقتصاديَّةٌ، وتُعتبرُ موسمًا تجاريًّا للمُتاجرِينَ بشكليَّاتِهِ، مستخدمِينَ جميع وسائلِ الإبداعِ والابتكارِ لترويجِهِ، وجرى العُرفُ أنَّه مُخصَّصٌ للحبيبِ وحبيبتِهِ، وللأزواجِ وزوجاتِهِم، وللعُشَّاقِ من الجنسَينِ، وهو توجُّهٌ قاصرٌ -من وجهةِ نظرِي- في احتكارِ المناسبةِ فقط للحبيبَينِ من الرِّجالِ والنِّساءِ، بصرفِ النَّظرِ عن نوعِ العلاقةِ، شرعيَّة أو غير شرعيَّة، أو صداقةٌ ومحبَّةٌ بين الجنسَينِ، أنَا شخصيًّا لستُ ضدَّ عيدِ الحُبِّ إطلاقًا، ولكنْ ضدَّ تخصيصهُ لفئةِ الحبيبِ بين الجنسَينِ، وأرَى أنَّ عيدَ الحُبِّ ينبغي أنْ يُعمَّم على إطلاقِ الحُبِّ لجميعِ مَن واجبٌ علينَا حبُّهم، والإعلان والافتخار والاحتفال بحبِّهم، ويأتي على رأسِهَا محبتُنَا لخالقِنَا -عزَّ وجلَّ-، حبُّنَا للهِ صاحبِ الفضلِ في وجودِنَا ونعمِنَا، ورزقِنَا وحياتِنَا، ثمَّ حبُّنَا لرِسولِ اللهِ، سيِّدنَا محمدٍ -عليهِ أفضلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ- وكمَا في الحديثِ: «لَا يًؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حتَّى أَكونَ أحبَّ إليهِ مِن نفسِهِ»، ثمَّ حبُّ الأُمِّ والأَبِ، وهما يأتيانِ في أهميَّةِ المحبَّةِ والإغداقِ فيهَا بعدَ حُبِّ اللهِ ورسولِهِ.

ثمَّ محبَّة الإخوانِ والأَخواتِ، وذوِي القُربَى من الأهلِ والأصدقاءِ، وبعضُهم تصلُ منزلةُ محبَّتِهم عاليةً جدًّا، كمحبَّةِ الإخوانِ الأشقَّاءِ وأكثر، فالأُسرةُ هي أساسُ بناءِ المجتمعِ، والحبُّ هو الركيزةُ الأساسيَّةُ في هذا البناءِ، فعيدُ الحُبِّ هو فرصةٌ لإظهارِ الحبِّ والتَّقديرِ لأفرادِ العائلةِ؛ ممَّا يُعزِّزُ الرَّوابطَ العاطفيَّةَ والوحدةَ الأُسريَّةَ، وكذلك محبَّة الطَّالبِ لأستاذِهِ، والموظَّفِ لرئيسهِ في العملِ، والزُّملاءِ لبعضِهم، وغيرهم ممَّن لهم فضلٌ علينَا، وتقديم الامتنانِ لهُم، وهذَا ما أطرحُهُ اليومَ، بأنْ يتحوَّل عيدُ الحبِّ إلى عمومِ الأحبَّاءِ، وليسَ تخصيصَهُ للأزواجِ والعُشَّاقِ.

إن الحب ليس مقتصراً على يوم واحد فقط، ولكن يجب أن يكون جزءاً من الحياة اليومية، والتفاعل مع الأشخاص المقربين، وبهذا المفهوم ستكون دائرة عيد الحب أوسع وأكبر، ومن الناحية الاقتصادية سيكون مردوده أكبر لتنوع الأحباب.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store