خلالَ وجودِ نادِي الهلالِ في مدينةِ أصفهان الإيرانيَّةِ؛ لمواجهةِ ناديِهَا الأقوَى والأشهرِ (سباهان)، وعندَ دخولِ بعثتِهِ للفندقِ المُستضيفِ لهَا، هتفتْ بعضُ الجماهيرِ الإيرانيَّةِ المتعصِّبةِ بأنْ (مرحبًا بالهلالِ في الجحيمِ)!!.
هم يقصدُونَ بالطبعِ أنَّ الهلالَ سيواجهُ صعوبةً شديدةً في مباراةِ الناديَّينِ الآسيويَّةِ، وسيُعانِي معاناةَ المُعذَّبِين في الجحيمِ، وسيُهزمُ شرَّ هزيمةٍ، وسيعودُ إلى الرِّياضِ بخفَّيْ حُنيْنٍ محروقتَيْنِ!.
لكنَّ الجحيمَ الَّذي رحَّبُوا بالهلالِ لدخولِهِ انقلبَ إلى نعيمٍ كرويٍّ انتهَى بثلاثةِ أهدافٍ ولا أروعَ للهلالِ رغمَ أنوفِ الجماهيرِ الإيرانيَّةِ الَّتي كفَّت عن التَّشجيعِ الجنونيِّ مُكرهةً لا بطلةً، وقعدتْ على المدرَّجاتِ خانعةً ومُستسلمةً ومُستمتعةً بالفنِّ الهلاليِّ الكرويِّ الرَّفيعِ!.
لكنْ لماذَا استخدمتْ هذِهِ الجماهيرُ كلمةَ (الجحيمِ) في ترحيبِهَا المتعصِّبِ ضدَّ الهلالِ؟! سؤالٌ خطرَ على بالِي واستغربْتُ لأجلِهِ كثيرًا، لكنْ سُرعانَ ما زالَ استغرابِي لعلمِي بأنَّ أصفهانَ مشهورةٌ بوجودِ آثارٍ كثيرةٍ لمعابدِ النَّارِ الَّتي كانَ الفُرسُ يعبدُونَهَا من دونِ اللهِ، وجاءَ الإسلامُ وغزَا فارسَ صحابةُ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- وخلَّصُوهم من عبادةِ النَّارِ إلى عبادةِ اللهِ الواحدِ القهَّارِ، وكنتُ أتمنَّى أنْ يُحفظَ جميلُ الصَّحابةِ، ويا لَه من جميلٍ لا يُنسَى من المُنصِفِين، وكيفَ يُنسى هذَا الجميلُ وهُم قدْ خلَّصُوهم من الشِّركِ والكُفرِ إلى التَّوحيدِ والإيمانِ!.
ويبدُو أنَّ الجماهيرَ الَّتي هتفتْ بالجحيمِ الَّتي هِي النَّار ما زالتْ متأثِّرةً بكلمةِ النَّارِ وتُراثِهَا، فاختارتْ التَّرحيبَ بكلمةِ النَّارِ للهلالِ، والحمدُ للهِ الَّذي جعلَ الجحيمَ نعيمًا، والنَّارَ بردًا وسلامًا، لهلالِنَا الَّذي لمْ يكنْ هلالًا، بل بدرًا مكتملًا يُنيرُ أحلكَ اللَّيالِي ظُلْمةً، وكانَ الهلالُ طفَّايةَ نارٍ سعوديَّةً (Made in Saudi Arabia)، وهي طفَّايةٌ أوتوماتيكيَّةٌ إذا اشتغلتْ لا تتوقَّفْ حتَّى تُطفئَ النِّيران مهمَا بلغتْ شدَّتُهَا، والهلالُ نادٍ نموذجيٌّ جماهيريًّا وماليًّا ودعمًا كبيرًا من مشجِّعيهِ، وهُو ليسَ النَّادي الَّذي أشجِّعُه محليًّا، لكنَّه النَّادي الَّذي أشجِّعهُ خارجيًّا، وليسَ هناكَ نادٍ سعوديٌّ حاليًّا يفوقُهُ جودةً واقتدارًا، إلَّا إذَا فعلتْ أنديتُنَا مثلَهُ.. وأكثرَ!.