طفلٌ موهوبٌ استضافتهُ إذاعةُ الرِّياض في صباحِ المملكةِ، وفي ذكرَى الاحتفاءِ بيومِ الإذاعةِ، كان صباحِي مع هذَا الطفلِ مختلفًا، قال كلمةً استوقفتنِي وأنا في طريقِي لعملِي قال: (سيكتبُ التَّاريخُ اسمِي)، وبكلِّ ثقةٍ بأنَّه سيكونُ من القياديِّين في 2040، وسيكونُ له شأنٌ ومكانةٌ، لغتهُ أَسَرَتنِي وأسعدتنِي وثقتُهُ بنفسِهِ وتمكُّنهُ من فنونِ الحوارِ، وتلوينِ الصَّوتِ، ومخارجِ الحروفِ صحيحةً، مذيعٌ محترفٌ -بمعنى الكلمة- لديه سرعةُ بديهةٍ، وخفَّةُ دمٍ، وعفويَّةُ الأطفالِ، وحكمةُ الكبارِ.
إنَّه الطفلُ تميم صاحب الموهبةِ الإذاعيَّةِ والتلفزيونيَّةِ اللافتةِ للأنظارِ، ويقدِّم برامجَ متعدِّدةً في التلفزيون السعوديِّ والإذاعةِ أيضًا، تحدَّث تميمٌ عن رحلةِ ولعِهِ باللُّغةِ وتعلُّقهُ بهَا، وكيف تعلَّم القراءةَ منذُ الصِّغرِ، وهنا أَعَطَى لكلِّ مَن يسمعهُ من الآباءِ والأمَّهاتِ درسًا عميقًا يستحقُّ التَّوقف عندهُ؛ لأنَّه وجدَ أبًا يشجِّعهُ ليقرأَ لهُ الصُّحفَ يوميًّا، وكانَ -حينها- يتلعثمُ ويخطئُ حتَّى تمكَّن وأتقنَ، دومًا يكونُ للأبِ بصمةٌ في تربيةِ أولادِهِ، ولا يكتِفي بدورِ الأمِّ في تعليمِ صِغارِهَا جلسة واحدة من قِبلِ الأبِ مع أبنائِهِ وبناتِهِ تغنيهم عن ساعاتٍ طوالٍ يقضيهَا الأبُ خارجَ البيتِ بحثًا عن الرِّزقِ أو تجمع مع أصدقائِهِ ورحلاتِهِ.
لن نستطيع تربية جيل متميز بدون أنْ يتحمل كل فرد منا مسؤوليته، نحو جيل المستقبل. للأم دورها، وللأب دوره المناط به، ومن ثم دور المعلم والمدرسة، والتعليم لنْ يحقق مخرجات تعليمية متميزة بدون شراكة فاعلة بين البيت والمدرسة.
وعودةً لطفلِنَا الموهوبِ، وهُو في الصفِّ الأوَّلِ متوسِّط، تحدَّث بلغةِ الخبراءِ أنَّ سببَ تميُّزه في التَّقديمِ والإلقاءِ والحوارِ هُو موهبةٌ أوَّلًا، وشغفٌ حقيقيٌّ، وطموحٌ كبيرٌ تبنَّته العائلةُ كلُّها، حيثُ انتقلَ من الطَّائفِ إلى الرِّياض مع أسرتِهِ؛ ليكونَ له حضورُهُ الإعلاميُّ الذي نشاهدُهُ اليوم، التَّدريبُ المستمرُّ، والقراءةُ الواعيةُ، والاهتمامُ الكبيرُ بمخارجِ الحروفِ، والثَّقافةُ، ورسمُ الخطَّة للمستقبلِ، تحدَّث عن مكانِهِ وشأنِهِ الكبيرِ الذي يطمحُ إليهِ في 2040، عندما يكونُ رجلًا متمكِّنًا بيدِهِ أدواتُ العلمِ، وقالَ دراستِي أوَّلًا، وشهادتِي وتفوُّقِي العلميِّ أوَّلويَّة، ثمَّ يأتي شغفِي بالإعلامِ والتَّمثيلِ، ما أجمل هذَا الفكرِ الَّذي يحملُه نموذجٌ لجيلِ المستقبلِ من أطفالِ رؤيةِ 2030، إنَّهم -وبلا شكٍّ- أصبحُوا محطَّ الأنظارِ، وها هِي السعوديَّةُ اليوم تستثمرُ في الإنسانِ حقًّا وصدقًا، وبالشواهدِ الحيَّةِ.
ولأنَّني شغوفةٌ بعالمِ الموهبةِ منذُ بداياتِ عملِي الإشرافيِّ، وتبحَّرتُ في هذا العالمِ، ودرستُ أسرارَهُ وبرامجَهُ، ودرَّبتُ الموهوبِينَ، وأشرفتُ على مشروعاتِهِم، وإبداعاتِهِم، وأعرفُ جيدًا ماذا تعنِي هذه الكلماتُ من طفلٍ موهوبٍ تلقَّى الدَّعمَ والتَّحفيزَ، فتحدَّث بثقةٍ عاليةٍ بالنَّفسِ والقدراتِ، وكيف أنَّ البيتَ كانَ عاملًا قويًّا في اكتشافِ موهبتِهِ، وترشيحِ ابنِهم لمقاييسِ القدراتِ العقليَّةِ الَّتي تجريهَا وزارةُ التَّعليمِ بالشَّراكةِ مع مؤسَّسةِ «موهبة» تستقطبُ المواهبَ، وتشاركُ في الفعاليَّاتِ والمناسباتِ والمسابقاتِ، ومن ثمَّ تمثيل المملكةِ في كلِّ المحافلِ الدوليَّةِ. هؤلاء هُم الثَّروةُ الحقيقيَّةُ للوطنِ، شكرًا إذاعة الرِّياض معكم كلَّ يومٍ صباحيٍّ أجمل، إنَّه صباحُ المملكةِ.