تكرر حديث الكثيرين من الساسة والكتاب (ونحن منهم) عن أن الحل للمعضلة الفلسطينية - الإسرائيلية هو إقامة الدولتين: فلسطين إلى جانب إسرائيل. وبينما يوجد بين الفلسطينيين من لا يقبل ببقاء دولة إسرائيل، فإن الإسرائيليين أيضاً يوجد فيهم من لا يرى قيام دولة للفلسطينيين على نفس الأراضي التي يحتلها الإسرائيليون. وبعد أحداث غزة الأخيرة، شن الكثير من الإسرائيليين واليهود خارج إسرائيل حملة ضد هذه الفكرة، بعد أن كان البعض منهم يتقبلها وينادي بتحقيقها. وخرج أحد اليهود المؤيدين للفكرة برأي مغاير في مقال له بمجلة تابلت (Tablet) اليهودية، تحت عنوان: «معذرة، ولكن لا وجود لحل الدولتين». وأعلن المتحدث باسم إدارة الدبلوماسية الوطنية العامة في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي «آفي هايمان» لتلفزيون (CNN) أن الوقت الحالي ليس الوقت المناسب للحديث عن هدايا للشعب الفلسطيني.
الطريق إلى حل الدولتين طويل وصعب، لكنه الحل الوحيد، في الوقت الحاضر، للفلسطينيين والإسرائيليين، بصرف النظر عما يعتقده كل منهما. وإذا لم يتم السعي الجاد لهذا الحل، فإن الشرق الأوسط، بكامله، سيتعرض للمزيد من الاضطرابات وعدم الاستقرار لسنينٍ قادمة؛ وإلى أن تقوم الدولة الفلسطينية المقبولة من الشعب الفلسطيني. وقد أكدت الحروب والاضطرابات الدموية التي حدثت في المنطقة هذا الأمر.
وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، قال في مقابلة مع قناة (إن. بي. سي) الأمريكية: «ما نعتبره أساسياً الآن هو إيجاد مسار ذي مصداقية، ولا رجعة فيه، نحو إقامة دولة فلسطينية، وأعتقد أن عبارة (لا رجعة فيه) هو ما يجب أن نشدد عليه، وأن هذا ما كان ينقصنا في الماضي».. إذ إن التجارب السابقة لتحقيق السلام، بما فيها مبادرة (أوسلو) التي تسببت، على الأرجح، (في مقتل السادات بعد إلقائه خطاب في الكنيست الإسرائيلي بالقدس)، ثم رئيس الوزراء الإسرائيلي (بعد أن وقع على مبادرة أوسلو)، تشير إلى أن هناك تراجعاً عن السلام لعدم إقرار مبدأ (لا رجعة فيه) في أي اتفاقية تم التوصل إليها لحل الصراع مع إسرائيل.
بعض النخب الإسرائيلية ناقمة على وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن لقيامه بزياراته المكوكية فيما بين العواصم العربية، بما فيها رام الله، وإسرائيل، قائلين إنه ليس هنري كسينجر، الراحل، الذي اشتهر بزيارته المكوكية بين العواصم العربية وإسرائيل، بعد حرب أكتوبر 1973، لإحلال السلام فيما بين العرب وإسرائيل. إلا أن هؤلاء الإسرائيليين ينسون أن اليسار في أمريكا أصبح غير مقتنع بسياسات كيسنجر حول الكيان الإسرائيلي، كما أن نظرته إلى إيران، والتي صاغها الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، تختلف تجاه إيران وإسرائيل.. ومن الأفضل للجميع السعي للاتفاقات فيما بين القوى داخل المنطقة، بما فيها الفلسطينيون، سعياً لتحقيق الاستقرار للجميع. لأنه ليس في مصلحة إسرائيل التنكر للحق الفلسطيني الذي سيؤدي إلى مواجهتها للدول العربية، وليس الفلسطينيين فحسب، بدون أي غطاء عسكري من أمريكا وباقي الغرب.
في الوقت الحاضر تبدو واشنطن القوة العالمية الوحيدة التي يمكنها (إقناع) إسرائيل بحقوق الفلسطينيين، وتفيد استطلاعات الرأي (داخل أمريكا)، في الوقت الحاضر، أن دونالد ترمب، المرشح عن الحزب الجمهوري، يتقدم على الرئيس جو بايدن، الذي يتوقع أن يكون المرشح عن الحزب الديموقراطي، في السباق الرئاسي، إلا أن نتائج الانتخابات الرئاسية القادمة، بنهاية هذا العام، قد توثر فيها أحداث عدة غير متوقعة. مع معرفة أن التجربة التي مر بها العالم خلال الفترة الرئاسية السابقة لدونالد ترمب دلت على أنه رجل لا يمكن التنبؤ بتصرفاته. لذا على إسرائيل أن تتقبل الواقع الذي يحتم عليها التعامل مع الذين داخل المنطقة لا خارجها.
السعودية: إيجاد مسار (لا رجعة فيه).. لقيام دولة فلسطين
تاريخ النشر: 19 فبراير 2024 22:35 KSA
A A