من نافلةِ القولِ إنَّ الاحتفاءَ بذكرَى يومِ تأسيسِ الدولةِ السعوديَّةِ المجيدةِ هُو خصلةٌ يتمتَّعُ بهَا كلُّ مواطنٍ مُخلصٍ، وكلُّ مُقيمٍ مُقدِّرٍ لنعمةِ العيشِ في بلدِنَا العظيمِ الَّذي اسمُهُ المملكةُ العربيَّةُ السعوديَّةُ.
والتَّأسيسُ كمَا حصلَ لهذِهِ الدولةِ الفريدةِ من نوعِهَا من نواحِي مكانتِهَا العالميَّةِ الكبيرةِ دينيًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا وعسكريًّا، بعد كفاحٍ عظيمٍ للآباءِ والأجدادِ، منذُ عهدِ الإمامِ محمد بن سعود -رحمَهُ اللهُ- حتَّى عهدِ خادمِ الحرمَينِ الشَّريفَينِ الملكِ سلمانَ بن عبدالعزيز، ووليِّ عهدِهِ الأميرِ محمد بن سلمان -يحفظهُمَا اللهُ- وجهادٍ منهُم ضدَّ أعتَى وأشرسِ الأعداءِ، قدْ انتقلتْ مهمَّةُ رعايتِهِ وصونِهِ للأجيالِ الحاليَّةِ والمستقبليَّةِ، وكلُّ هذِهِ الأجيالِ مسؤولةٌ عن رعايةِ وصونِ هذَا التَّأسيسِ، وأنْ تعملَ بروحِ التَّأسيسِ النَّبيلةِ والمشاركةِ المجتمعيَّةِ الواجبةِ، كلٌّ في مكانِهِ المُقدَّرِ لهُ، بدءًا من الأُسرةِ في بيتِهَا، والطُلَّابِ في مدارسِهِم ومعاهدِهِم وجامعاتِهِم، والموظَّفِينَ في وظائفِهِم، والعسكريِّينَ في مواقعِهِم، والمُصلَّينَ في مساجدِهِم، بأنّْ يتقمَّصَ كلُّ مواطنٍ مسؤوليَّةَ استكمالِ رحلةِ التَّأسيسِ عبرَ الإبداعِ في مجالِهِ، والعملِ الجادِّ والمُخلصِ، والإتقانِ، والإحسانِ؛ كَي تزدادَ هذِهِ الدولةُ قوَّةً، ورخاءً، وازدهارًا.
وقصصُ تأسيسِ دولتِنَا تمتدُّ وقائعُهَا لمئاتِ السِّنين، وفيهَا من الحوادثِ مَا يجعلُهَا مصدرَ فخرٍ واعتزازٍ. وليتَ هيئةَ التَّرفيهِ تخلِّدهَا بإنتاجِ مسلسلاتٍ تلفزيونيَّةٍ وأفلامٍ سينمائيَّةٍ عنهَا، فهِي الأحقُّ بالتَّخليدِ، والأجدرُ بأنْ يُعرفُ أدقُّ تفاصيلِهَا. ليس للسعوديِّين فحسب، بلْ العالم بأسرِهِ، لا سيَّما مع سطوةِ الإعلامِ الجديدِ المتمثِّلِ في وسائلِ التَّواصلِ الاجتماعيِّ، وقدرتهَا على إشهارِ ما يستحقُّ الإشهارُ، ومَا هُو الأكثرُ جدارةً من وقائعِ تأسيسِ الدولةِ السعوديَّةِ، الأُولى فالثَّانية والثَّالثة؟ ليس هناكَ مَا هُو أجدرُ إلَّا تسليطُ الضوءِ أكثر علَى مراحلِ التَّأسيسِ السعوديِّ، وحبِّ الوطنِ، كمَا يقولُ الشَّاعرُ العربيُّ مُفدَّى زكريَا:
وَطَنِي أُحِبُّكَ فَوَقَ الظُّنُونِ
وَأَشْدُو بِحُبِّكَ فِي كلِّ نَادِي
عَشِقْتُ لِأجْلِكَ كُلَّ جَمِيلٍ
وَهِمْتُ لِأجْلِكَ فِي كُلِّ وَادِي