تدنُو منَّا ليالِي شهرِ رمضانَ الفضيلِ، وعسَانَا جميعًا نكونُ من عُوَّادِهِ أعوامًا عديدةً وسنواتٍ مديدةً، في صحَّةٍ وعافيةٍ، وأمنٍ وإيمانٍ، وطاعةٍ وعبادةٍ، وراحةِ بالٍ، وانشراحِ صدرٍ وسعادةٍ.
ويبدُو أنَّه لا جديدَ في (مينيو) شاشةِ التلفزيونِ بعدَ موائدِ الإفطارِ، وسنكونُ في حضرةِ نسخةٍ جديدةٍ من برنامجِ الفنَّانِ المصريِّ الشَّهيرِ رامز جلال، الذي يعملُ فيه مقالبَ للمشاهيرِ بطريقةٍ فيهَا ما فيهَا من التَّقنيةِ الحديثةِ والغاليةِ، وفيهَا الكثيرُ من العُنْفِ والسُخريةِ والاستخفافِ بالضحايَا، هذَا إنْ كانُوا ضحايَا بحقٍّ وحقيقٍ!.
أنَا شخصيًّا من الذِينَ هَرِمُوا ومِن رامزٍ هذَا قدْ سئِمُوا، وما زلتُ أرَى برنامجَهُ عبارةً عن تمثيليَّةٍ سَمِجَةٍ، ويدعُو فيهَا معارفَهُ من فنَّانِينَ وفنَّاناتٍ ولاعبِي كرةِ قدمٍ، للوقوعِ ببراءةٍ مُصطنعةٍ في شِراكِ مقالبِهِ، فيتظاهرُونَ -يا حرام- بأنَّ الرُّعْبَ الشديدَ قدْ أصابَهم من المقالبِ، وأنَّ أرواحَهم قدْ أوشكتْ على الطُّلوعِ من تُرقواتِهم وحلوقِهم وأنوفِهم، وأنَّ رامزًا بلا شكٍّ هُو عبقريٌّ مجنونٌ قد حلَّ مُضيفًا ثقيلًا وداهيةً علَى رؤوسِهِم، ثمَّ في نهايةِ الحلقاتِ يتعانقُونَ معَهُ ويضحكُونَ ويبتسمُونَ، وربَّما يستبشرُونَ بالمكافأةِ الماليةِ الضخمةِ عن اشتراكِهم غيرِ المُفبركِ في البرنامجِ!.
ويزدادُ سئمِي من البرنامجِ حينَ أسمعُ عن تكرارِ وقوعِ الضحايَا أنفسَهُم كلَّ عامٍ في مقالبِ البرنامجِ، ولعلَّ أبرزَ المُكرَّرينَ الرَّاقصةَ السَّابقةَ فيفي عبده، التِي لم تعُدْ تُجيدُ تصنَّعَ جهلِهَا المُسبقِ بمقالبِ البرنامجِ، وفي هذَا استخفافٌ بالمُشاهدِ، وتسطيحٌ لذاكرتِهِ، وعدمُ ثقةٍ بذكائِهِ وفطنتِهِ، وتشوُّهٌ ترفيهيٌّ يرسمُهُ رامز والقائمُونَ على البرنامجِ الذِي ترتفعُ ميزانيَّتهُ في عنانِ السَّماءِ!.
أتمنَّى أنْ تكونَ آخرَ حلقةٍ من هذَا البرنامجِ هي التي عُرِضَتْ في السنةِ الماضيةِ، وأنْ تُستغلَّ ميزانيَّتهُ في إنتاجِ أفلامٍ ومسلسلاتٍ تاريخيَّةٍ عن التُّراثِ السعوديِّ والعربيِّ والإسلاميِّ، بما يُفيدُ المشاهدِينَ العاديِّينَ، وهُم بمئاتِ الملايين، وينفعهُم في رمضانَ، وينقلهُم من دركِ الهياطِ إلى مُتعةِ التسليةِ والانضباطِ!.