Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالله الجميلي

هل حدائق المدينة للأغنياء فقط؟!

A A
* يبدُو أنَّ أمانةَ المدينةِ المنوَّرةِ، وهيئةَ تطويرِهَا قد جعلتَا (الاستثمارَ) هدفًا أعلَى وأسمَى، من أجلِهِ تُسقطانِ كلَّ الاعتباراتِ، وتضيعُ (حقوقُ البسطاءِ ومحدودِي الدَّخلِ)، يظهرُ هذَا بوضوحٍ في الحدائقِ والمنتزَّهاتِ التي أصبحتْ مُوجَّهةً للأغنياءِ، ولهُم فقطْ!

*****

* الشَّواهدُ كثيرةٌ، ومنهَا: (الحديقةُ القريبةُ من مسجدِ القبلتَين)، فرغمَ صغرِهَا إلَّا أنَّهَا كانتْ مُتنفسًا لساكنِي الأحياءِ المجاورةِ لهَا، فقدْ تحوَّلتْ إلَى سُوقٍ تجاريٍّ تسكنهُ بعضُ الماركاتِ والمطاعمِ العالميَّةِ، التِي تتجاوزُ مبيعاتُهَا قدراتِهم الماليَّة المحدودة، شاهدٌ آخرُ الحديقةُ التِي يحتضنُهَا جبلُ أُحُد من ناحيتِهِ الغربيَّةِ، فقدْ اُنتُزعتْ من رُوَّادِهَا، حيثُ أُغلقتْ من أجلِ مشروعِ استثمارِ مقبلٍ، سيكونُ بلا شكٍّ لأصحابِ الدَّخلِ غيرِ المحدودِ، ومثلهَا (حديقةُ أمين مدني في سلطانة).

*****

* شاهد رابع: يؤكد بأنَّ ذلك الاستثمار المندفع جداً لم يكتفِ بالحدائق فقط، بل وصل حتى للمنتزهات البرية، فمثلا هناك ما يعرف بـ(المطل)، وهو الواقع على ضفاف الطريق الواصل بين (حيي عروة والعزيزية)؛ فقد كان بإطلالته المرتفعة الجميلة مقصداً للأهالي، ولكن أغلق في وجوههم؛ حيث اللوحات الإعلانية تبشر بالمطاعم والكافيهات الراقية، والتي ستكون غالية بالطبع، وللأثرياء وحدهم.

*****

* وهنَا هذَا تأكيدٌ بأنِّي معَ الاستثمارِ والتَّخصيصِ في القطاعاتِ جميعهَا، ومنهَا قطاعُ الحدائقِ والمنتزَّهاتِ، ولكنْ دونَ أنْ تُمسَّ حقوقُ الفئاتِ محدودةِ الدَّخلِ من المجتمعِ، وذلكَ بأنْ تكونَ فيهَا مساحاتُ جلوسٍ مجانيَّةٌ لهُم، وكذَا اشتراط إلزاميَّةِ رُخْصِ وعدالةِ أسعارِ مبيعاتِهَا، التِي تفرضهُ عقودُ الاستثمارِ والتَّشغيلِ، وهذَا مَا أرجُو أنْ تفعلَهُ أمانةُ المدينةِ وهيئةُ تطويرِهَا، اللَّتانِ أُثَمِّنُ جهودَهمَا وعطاءاتِهمَا في خدمةِ مدينةِ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- وسعيهمَا في تطويرِهَا وأنسنتِهَا.

*****

* أخيرًا.. وفِي الإطارِ ذاتِهِ، قابلتُ قبلَ أيَّامٍ (أحدَ كبارِ السنِّ)، الذِي أبدَى مخاوفَهُ بأنْ يتحوَّلَ (منتزَّهُ البيضاءِ) إلى مشروعٍ استثماريٍّ، ويصبحُ الدُّخولُ إلى صحرائِهِ وظلِّ شُجيراتِهِ برسومٍ، حينهَا صدِّقُونِي طمأنتُهُ بأنْ (لَا)، ولكنْ بعدَ تفكيرٍ دخلتُ مثلهُ دائرةَ الشَّكِّ، وسلامتكُم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store