هدف من هذَا المخططِ تفتيتَ البلادِ العربيَّةِ والإسلاميَّةِ إلى أكثرِ من 50 دويلةً، فمَا شهدهُ ويشهدهُ العالمُ منذ الثمانينيَّاتِ من القرنِ العشرِين إلى وقتِنَا الرَّاهنِ من أحداثٍ، بدءًا بإسقاطِ الاتِّحادِ السوفيتي، لتكونَ أمريكَا القطبَ الأوحدَ عالميًّا؛ لتتمكَّنَ من تنفيذِ مخطَّطهَا، بإشعالِ فتنٍ وثوراتٍ، وعمليَّاتٍ إرهابيَّةٍ، وظهورِ تنظيماتٍ إرهابيَّةٍ مسلَّحةٍ (القاعدة) والتِي كانَ لهَا دورٌ في إسقاطِ الاتِّحادِ السوفيتيِّ؛ طبقًا للمخطَّطِ الصهيوأمريكيِّ، و(داعش) التِي انبثقتْ من تنظيمِ (القاعدة) بالعراقِ أعقابَ الغزوِ الأنجلوأمريكيِّ، وفي (2014) أُعطِي لهَا الضُّوءُ الأخضرُ لاحتلالِ مناطقَ شاسعةٍ من الأراضِي السوريَّةِ والعراقيَّةِ، وإعلان دولتهَا لتنفيذِ مخطَّطِ التَّفتيتِ، جميعُ هذهِ الأحداثِ خطَّطَ لهَا المستشرقُ اليهوديُّ الصهيونيُّ الإنجليزيُّ الأصلِ، الأمريكيُّ الجنسيَّةِ برنارد لويس، الذِي قدِمَ إلى واشنطن (1974م)؛ ليكونَ مستشارًا لوزيرِ الدِّفاعِ لشؤونِ الشرقِ الأوسطِ، إلى جانبِ عملهِ كأستاذٍ لتاريخِ الشرقِ الأوسطِ والأدنَى بجامعةِ «برنستون»، ومخطَّطهُ يقومُ على تفكيكِ البلادِ العربيَّةِ والإسلاميَّةِ، ودفعهمْ ليقاتلَ بعضُهم بعضًا لإضعافِهم، وإقامةِ دولةِ إسرائيلَ الكُبْرَى، وقدْ سلَّم مشروعَهُ إلى بريجنسكي مستشارِ الأمنِ القوميِّ في عهدِ جيمي كارتر.
ووافق الكونجرس في جلسة سرية (1983) على مشروع لويس، وجعل (2018) عاما لتنفيذه، ولعلَّ ما حدث من احتلال لأفغانستان والعراق، وما يحدث في المنطقة من حروبٍ وفتنٍ وثوراتٍ وإرهابٍ يدلل على هذا الأمر، ومبررات لويس لتنفيذ مشروعه: «أن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون، إذا تركوا لأنفسهم، فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجاتٍ إرهابية تدمر الحضارات، وتقوض المجتمعات.
فالحل السليم للتعامل معهم، هو إعادة احتلالهم، وتدمير ثقافتهم. ونلاحظُ على مخطَّطِ لويس للتَّفتيتِ، الآتي:
أوَّلًا: يعكسُ لنَا مدَى الحقدِ الصهيونيِّ على العروبةِ، وأهلِ السُّنَّةِ على الخصوصِ.
ثانيًا: تكوينُ دويلاتٍ سُنِّيَّةٍ داخليَّةٍ، تكادُ تكونُ منافذهَا البحريَّةُ منعدمةً، وهي: مصرُ الإسلاميَّة عاصمتُهَا القاهرة.. الجزءُ المتبقِّي من مصرَ.. ولهَا شريطٌ ساحليٌّ محدودٌ جدًّا على البحرِ المتوسِّطِ، يُرادُ لهَا أنْ تكونَ تحتَ النفوذِ الإسرائيليِّ (حيثُ تدخلُ في نطاقِ إسرائيلَ الكُبْرَى)، ودويلتَانِ: سُنيَّة في منطقةِ حلب، وأُخْرَى حولَ دمشق، ودويلةٌ سنيَّةٌ في شمالِ لبنانَ عاصمتُهَا طرابلس، ودويلةٌ إسلاميَّةٌ في شمالِ السُّودانِ، بعدَ اقتطاعِ دارفور منهَا لتكونَ دويلةً مستقلَّةً.
ثالثًا: تكوينُ دويلاتٍ شيعيَّةٍ، واحدةٍ في جنوبِ العراقِ حولَ البصرة، ودويلتَين -علويَّة شيعيَّة-: واحدة على ساحلِ البحرِ المتوسِّطِ مقتطعةٍ من سوريَا، وأُخْرى على البقاعِ (عاصمتُهَا بعلبك) خاضعةٍ للنفوذِ السوريِّ شرقَ لبنان.
رابعًا: تكوينُ دولتَيْن مسيحيَّتيْن، تمَّ تكوينُ واحدةٍ منهَا في جنوبِ السُّودانِ، والثَّانية: منح الدولةِ المسيحيَّةِ في مصرَ الجزءَ الأكبرَ من مصرَ، مع أنَّ عددَ مسيحيِّي مصرَ يُشكِّلُون حوالَى (15%) من سكَّانِهَا، وأربع كانتوناتٍ مسيحيَّةٍ في لبنانَ منها كانتون يخضعُ للسلطةِ الفلسطينيَّةِ، وآخرُ يخضعُ للنفوذِ الإسرائيليِّ.
خامسًا: إنشاءُ دويلةٍ كرديَّةٍ غنيَّةٍ بالبترولِ، تشملُ الشمالَ، والشمالَ الشرقيَّ حولَ الموصل، وأجزاءَ من الأراضِي العراقيَّةِ والإيرانيَّةِ والسوريَّةِ والتركيَّةِ والسوفيتيَّةِ سابقًا، ولهذَا نجدُ ظهورَ (داعش) في المنطقةِ، ليُمهِّدَ لقيامِ هذهِ الدولةِ؛ باستيلائِهِ على مناطقِ الأكرادِ في سوريا، وقدْ سلَّحت أمريكَا أكرادَ العراقِ للاستيلاءِ على المناطقِ الكرديَّةِ التي استولتْ عليهَا (داعش) في سوريا، بينمَا رفضتْ تسليحَ الجيشِ العراقيِّ لمناهضةِ (داعش)، وإعلان الاستفتاءِ لدولةِ الأكرادِ الفيدراليَّةِ، والتصدِّي التركي لهَا قدْ أوقفَ تنفيذَهَا، علمًا بأنَّ مجلسَ الشيوخِ الأمريكيِّ قد صوَّتَ على تقسيمِ العراقِ إلى ثلاثِ دويلاتٍ كشرطٍ لانسحابِ القواتِ الأمريكيَّةِ من العراقِ في 2007م، وطالبَ مسعود برزاني بعملِ استفتاءٍ لتقريرِ مصيرِ إقليمِ كردستانِ العراقِ، واعتبارِ عاصمتِهِ محافظةَ (كركوك) الغنيَّة بالنفطِ، ونالَ مباركةً عراقيَّةً وأمريكيَّةً في أكتوبر (2010)، والمعروفُ أنَّ دستورَ «بريمر» وحلفائِهِ من العراقيِّين، قد أقرَّ الفيدراليَّةَ التي تشملُ الدويلاتِ الثلاثِ على أُسسٍ طائفيَّةٍ: شيعيَّة في (الجنوبِ)، سنيَّة في (الوسطِ)، كرديَّة في (الشمالِ) عقبَ احتلالِ العراقِ في مارس/ إبريل (2003) طبقًا لمخطَّطِ لويس الصهيونيِّ.
سادسًا: دويلةُ النوبةِ المتكاملة مع الأراضِي الشماليَّةِ السودانيَّةِ. عاصمتهَا أسوان.. تربطُ الجزءَ الجنوبيَّ الممتدَّ من صعيدِ مصرَ حتَّى شمالِ السودانِ باسمِ بلادِ النوبةِ، لتلتحمَ مع دولةِ البربرِ التي يحلمُونَ بامتدادِهَا من جنوبِ المغربِ حتَّى البحرِ الأحمرِ.
سابعًا- دويلاتُ الفلسطينيِّين: بتصفيةِ الأردن، ونقل السلطةِ للفلسطينيِّين.. دويلة فلسطينيَّة بشمالِ سيناءَ، وكادتْ هذه الدويلةُ أنْ يُعلنَ قيامهَا، ويكفِي نظرةٌ واحدةٌ إلى الأحداثِ التي وقعتْ أثناءَ حربِ غزَّة، والتَّصريحاتِ التي خرجتْ من أمريكَا وإسرائيلَ حولَ فتحِ سيناءَ لاستقبالِ الفلسطينيِّينَ.
ثامنًا: دويلةٌ للبربرِ، وأُخْرى للأمازيغِ، وثالثةٌ للبوليساريُو مقتطعةٌ من ليبيا وتونس والمغرب والجزائر، وقد وصفَ الأمينُ العامُّ السَّابقُ للأممِ المتَّحدةِ «بان كي مون» بإيعازٍ من أمريكَا، سيادةَ المغربِ على الصحراءِ بـ»الاحتلالِ»، خلالَ زيارةٍ له إلى موريتانيا والجزائر العاصمة.. تمهيدًا لفصلِهَا.
تاسعًا: تقسيمُ لبنانَ مع صغرِ مساحتِهَا إلى سبعِ دويلاتٍ وكانتوناتٍ، مع تدويلِ عاصمتِهَا بيروت.
عاشرًا: تقسيمُ سيناءَ إلى ثلاثةِ أقسامٍ، دويلةٍ فلسطينيَّةٍ شمالَ سيناءَ، وجنوبِهَا للنفوذِ الإسرائيليِّ، وجزءٍ صغيرٍ لبدوِ سيناءَ.
هذَا ما تخطِّطهُ أمريكَا وإسرائيلُ للعربِ والمسلمِينَ، وللأسفِ يساعدهمَا على تنفيذِهِ المنظَّماتُ الدَّوليَّةُ.