أفْرَزَتْ لنَا خدمةُ توصيلِ الطَّعامِ من المطاعمِ إلى المنازلِ عبرَ تطبيقاتِ شركاتِ التوصيلِ مشكلةً سلبيَّةً للغايةِ، وإنْ لمْ نعالجْهَا فلا ريبَ أنَّها ستتحوَّل إلى ظاهرةٍ عصيَّةٍ، وقد يحصلُ بسببِهَا ما لا تُحمدُ عقباهُ في شوارعِنَا الرئيسةِ كمَا الشوارعِ الفرعيَّةِ!.
وهي عدمُ أهليَّةِ الكثيرِ من سائقِي الدرَّاجاتِ النَّاريَّةِ الخاصَّةِ بالتوصيلِ من الناحيةِ المروريَّةِ، وعدمِ التزامِهم بالأنظمةِ، وجُلُّهم -إنْ لمْ يكونُوا كلَّهم- من الوافدِين الآسيويِّين، وفي سياقتِهم فوضَى وعشوائيَّةٌ كبيرةٌ!.
وبالمناسبةِ: لم يحدِّثنِي عنهُم أحدٌ، بلْ أراهُم يوميًّا في الشَّوارعِ، وهم لا يلتزمُونَ بسياقةِ الدرَّاجاتِ على جانبِ الشَّوارعِ الأيمنِ، كمَا هُو مُخصَّصٌ لهم، وكأيِّنٍ مِن مرَّةٍ رأيتهُم يسوقُونَها في المنتصفِ، أو في الجانبِ الأيسرِ، وأكبر من سرعةِ السيَّاراتِ، وتجاوزهُم للسيَّاراتِ يستحقُّ أنْ يُوصفَ بفيلمِ رعبٍ؛ لأنَّهم يتجاوزُونَهَا يُمنةً ويُسرةً، وضمنَ مساراتٍ متعرَّجةٍ مثل زحفِ الثَّعابِين، وبينَ السيَّاراتِ المُسرِعةِ، مُعرِّضينَ أنفسَهم وغيرَهم للخطرِ، ويُذكِّرونَنِي -دونَ تشبيهٍ- بأفرادِ العصاباتِ في الأفلامِ السينمائيَّةِ الذين يهربُون من الشرطةِ التي تطاردهُم، من اليمينِ لليسارِ، ومن اليسارِ لليمينِ، وبالطولِ وبالعرضِ، ويا أمانَ شوارعنَا من هكذَا سياقةٍ، إذْ تكادُ تكونُ بلطجةَ توصيلِ طعامٍ مبثوثةٍ حيًّا على الهواءِ!.
والمسؤوليَّة -مِن وجهةِ نظرِي- تقعُ أوَّلًا على عاتقِ شركاتِ التوصيلِ التي أخشَى أنْ يكونَ همُّهَا هُو الربحُ الماديُّ لا غير، فتُشغِّلُ برواتبَ منخفضةٍ كلَّ مَن هبَّ ودبَّ في وظائفِهَا طالمَا كانَ يعرفُ سياقةَ الدرَّاجاتِ النَّاريَّةِ، ولا أقولُ (يُجيدُ السياقةَ)؛ لأنَّ الإجادةَ تعنِي الالتزامَ بأنظمةِ السَّلامةِ تجاهَ النَّفسِ وتجاهَ الغيرِ، وتقعُ المسؤوليَّةُ كذلكَ على كلِّ مَن ساهمُوا أو تغاضُوا عن عدمِ توطينِ وظائفِ التوصيلِ ورفعِ رواتبِهَا كَي يتشجِّع شبابُنا السعوديُّ على الانخراطِ فيهَا مع تأهيلِهم بأصولِ المهنةِ وتدريبهِم باحترافيَّةٍ؟ وهناكَ دورٌ كبيرٌ غائبٌ نحتاجهُ من إداراتِ المرورِ كَي تتعاملَ مع المشكلةِ بالجدَّيةِ والصرامةِ المطلوبتَين؛ تحقيقًا للسَّلامةِ العامَّةِ والأمنِ المروريِّ، وإظهارِ نظامنَا المروريِّ في حلَّةٍ قشيبةٍ وحضاريَّةٍ.