من خلالِ قناةٍ تلفزيونيَّةٍ شهيرةٍ، ومن بعضِ الجهاتِ أيضًا، برزتْ ظاهرةُ السَّحبِ للحصولِ على جائزةٍ ماليَّةٍ، بعدَ أنْ يتحمَّلَ الفردُ تكلفةَ الاشتراكِ من خلالِ رسالةٍ في رقمٍ مدفوعٍ، تتجاوز ١٢ ريالًا، أو من خلالِ شراءِ تذكرةٍ. وهو نشاطٌ يعتمدُ على رغبةِ بعضِ النَّاسِ في الحصولِ على الثراءِ المفاجئِ من خلالِ الاشتراكِ، وطبعًا تُحقِّقُ الجهةُ أضعافًا مضاعفةً من الأموالِ؛ بسببِ تدافعِ النَّاسِ، ورغبتِهم في الحصولِ على الجائزةِ، وهو نوعٌ من أنواعِ الرهانِ أو المقامرةِ المحرَّمةِ شرعًا، وبمعنَى أوضح، استغلال نقطةِ ضعفِ النَّاسِ نحوَ سعيهِم للحصولِ على الثراءِ السريعِ.
وقد منعتْ وزارةُ التجارةِ السعوديَّةِ هذَا النشاطَ، والذِي كانَ يتمُّ من دولةٍ أُخْرى لسوقٍ مستهدفٍ، من ضمنهِ السوقُ السعوديُّ. وشاهدنَا كتابةَ العديدِ من المقالاتِ حولَ هذَا النشاطِ غيرِ الشرعيِّ من عددٍ من الكُتَّابِ، ولكنَّنا أصبحنَا نهتمُّ لأمرِ محاربةِ هذهِ الأنشطةِ التي استغفلت البعضَ، وحدَّدتْ أنَّ المسموحَ بهِ هُو الجائزةُ التي تُعطى، ليسَ بناءً على شراءِ تذاكرَ، أو إرسالِ كلمةٍ، وإنَّما لمَن لا يدفعُ مقابلَ أنْ يتمَّ دخولهُ في عمليَّةِ السَّحبِ، واختيارُ الفائزِ، كمَا يتمُّ في بعضِ السوبرماركات، وغيرهَا من الأنشطةِ التسويقيَّةِ، حيثُ يشترِي الشخصُ ما يحتاجُ ويدخلُ اسمهُ كفردٍ يمكنُ أنْ يفوزَ.
لذلك، يجب أنْ يكون هناك وضوح لأفراد المجتمع، حول عدم جواز هذا النشاط (اليانصيب) شرعاً، وأنه يدخل الفرد في نوع من المقامرة وخسارة الأموال دون عائد فعلي، أو إشباع احتياج استهلاكي للفرد، فتذهب قيمة الاشتراك سدى دون أي منفعة. وللأسف يندفع الأفراد نحو الرغبة في الاستفادة، ومعها خسارة المبلغ المدفوع. حيث تجد الفرد يُرسل أكثر من رسالة إذا دفع به الوهم إلى تحقيق الهدف، فقدْ يشتركُ مئةَ مرَّةٍ أو أكثرَ، خاصَّةً إذا كانَ النشاطُ يتمُّ السَّحبُ عليهِ أكثرَ من مرَّةٍ خلالَ الشهرِ، فيستمر الضغطُ والرغبةُ لفترةٍ طويلةٍ.
وفي الغربِ قد تجد أنَّ الأشخاصَ الممارسِين لهذَا الأمرِ، والذِين يسعُون خلفَ الوهمِ، قدْ يحتاجُون إلى الخضوعِ لعلاجٍ نفسيٍّ، حتَّى يخفَّ إقبالُهم واندفاعُهم نحوَ هذَا الهدفِ.
نحمدُ اللهَ أنَّ مثلَ هذهِ الأنشطةِ ممنوعةٌ ومحرَّمةٌ في بلادنَا، ونأملُ أنْ يتلاشَى استهدافنَا من وراءِ الحدودِ، وأنْ يُدركَ المواطنُ أنَّ هذهِ الأنشطةَ لا يأتِي من ورائِهَا أيُّ فائدةٍ أو خيرٍ، وأنَّ الرابحَ دومًا هو مَن يُباعُ له هذه السِّلعة، وليسَ كل المشتركِين، وأنَّه يستلزمُ وجودُ عددٍ كبيرٍ من الأفرادِ حتَّى يتمَّ اختيارُ رابحٍ واحدٍ، وتُحقِّق الشركةُ أرباحهَا من الباقِينَ.